stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

كتابات القراء

مغامرة الحياة ………. الأب/ لوكاس حلمي

1.9kviews

life-of-high-adventure

يرتبط اختيارك بمرحلة نموّك

غالباً ما يولّّد الاختيار صراع وانقسام ويصاحبه الألم، وذلك الألم ضروري لأجل أن يكتسب الإنسان هويته الصحيحة حتى يصبح الشخص في ذاته الحقيقية. قد يختار الإنسان – في بداية حياته – تقليداً لنموذج (صورة قديس نموذجية- صورة راهب أو راهبة يعجب بها – احتفال رائع عاشه…الخ) ولكنه يجب أن يعاني إلى أن يصل الى اختيار أصيل. لانّه هو إنسان فريد واختياره يجب أن يكون فريداً أيضاً.

يتميّز الاختيار في مرحلة المراهقة بأنّه:

– اختيار قوي؛

– إنسان يريد تحقيق ذاته؛

– ينظر إلى الداخل أي في عمق الاختيار (رغبات

– وتطلعات شخصية مع رؤية للمحيط \” المجتمع\”)؛

– فهو يريد تحقيق الذات أولاً، ثم تقديم المساعدة اللازمة للجماعة (لكل محتاج).

الاختيار وصعوباته

يجد الإنسان دوماً ذاته مشدوداً بين تيارين أو نظرتين:

– تيار ايجابي: يعبّر عن الرغبة في الامتلاء أي تحقيق الذات، فيه الإنسان سعيد وهو يخطط حياته ويبني نفسه بكل اختيار يقوم به، وينتصر على \”حالة الطفولة\” التي فيه لكي يؤكّد شخصيته. يعبّر عن أمكاناته الشخصية: قيم وفضائل وصلاح إنسان واقعي، فيجد مكاناً له في العالم ويجد نفسه في كل ما يخطط.

– تيار عكسي (سلبي): يجعل الإنسان رجعي ومتأخر، ينظر دوماً إلى الماضي، يعتريه خوف من النمو وخوف الابتعاد عن حضن الأم. يرفض المجازفة ويرفض أن يجازف بكل ما تعلّمه مفضّلاً الانغلاق. يميل إلى الجبن ويخاف من الاستقلالية والمسؤولية. وتصبح الحرية ثقل عليه بدلاً من أن تكون شيئاً ايجابياً لتخطيط المستقبل، تصير قلقاً ومصدرَ خوفٍ وعدم ثقة.

يمكننا القول للتوضيح أكثر، تصارع الإنسان – داخلياً- قوتين: قوة الانفتاح وقوة الانغلاق تتأرجح بينهما حياته، وعلى الشخص أن يخلق التناغم بينهما.

لذا، لابد أولاً من معرفة الذات معرفة صحيحة. يقول القديس أغسطينوس: \”اذا لم تعرف نفسك، فإنك لن تستطيع أن تعرف الله\”. وحتى الفلاسفة اعتبروا أن معرفة الذات هي أساس الانطلاق في الحياة والوعي بها.

أهم الاختيارات التي تواجه حياتك

– الاختيار الأوّل والأهم : الحياة، فقبل التفكير في أي اختيار، لابد من اختيار الحياة. 

– عليك القيام بهذا الاختيار أي أن تحيا حياتك. لقد منحك الله هبة الحياة مجاناً ولكنه لا يتدخّل فيما بعد الاّ اذا سمحت له أنت: \”فالذي خلقك بدونك لن يخلصك بدونك\” هكذا أوضح القديس أغسطينوس.

قصة (لانتوني دي ميللو): زائر قبل أن يصير تلميذاً تحت قيادة المعلم الحكيم، أراد بعض الضمانات من المعلم، فسأله:

– هل ممكن تعلّمني الهدف من الحياة الإنسانية؟

– لا ، هكذا رد المعلم

– أو على الأقل معناها؟

– لا.

– هل ممكن تخبرني عن طبيعة الموت والحياة وما وراء الموت؟

– لا.

إستاء الزائر وترك المعلم الحكيم وذهب بعيداً…. وأستاء التلاميذ لأن المعلم أعطى صورة سيئة عن صورة المعلم الحكيم!! ولكي يعزي المعلم تلاميذه قال لهم: \” ما الفائدة من فهم طبيعة الحياة ومعناها، اذا لم تتذوّقها؛ أنا أُفضّل أكل الحلوى بدلاً من التأمًل فيها\”.

فالحياة رائعة وعلى الإنسان أن يحياها ويجازف فيها. وأفضل لحظات الحياة هي تلك اللحظة التي يجازف فيها الإنسان بأغلى ما لديه.

ماهي الحياة التي علينا أن نحياها؟

– اختيارات متعددة نتممها في الزمان بناء على الآمال والتطلعات التي بداخلنا والاحتياجات التي من حولنا. فمهم أن يعيش الإنسان حياته بطريقة صحيحة ومرحلة نموه بكل متطلّباتها واحتياجاتها: علاقات الحب والصداقة، والأمانة والصدق، والمشاعر والعمل والكد والعلاقات الاجتماعية.

ارتباط الاختيار

– بالمخاوف والمشاكل.

– الاختيار مرتبط بالمجتمع: معوقات من الأسرة، من زملاء الدراسة أو العمل، وسائل الاعلام وأفكار البيئة المحيطة بي.

– الاختيار مرتبط بالمواهب والمصالح والطموحات وأيضاً الاختيار مرتبط بالعواطف: الصدمات النفسية التي يمر بها الإنسان عبر مراحل عمره المختلفة من حياته وخاصة الطفولة.

– الاختيار مرتبط بالحياة الروحية: الضمير الأخلاقي والخبرات الدينية والقيم… الخ.

لذا لكي أختار، عليّ أن أقوم ب:

– تعميق الجانب الإنساني والحياة الإنسانية فيّ؛

– تعميق الجانب المسيحي: أختار أن تكون صورة المسيح والإتحاد به في حرية من أجل خلاص البشر.

– ضرورة التمييز الروحي أي علينا أن نتنبّه لعلامات الروح القدس الذي يستطيع أن يوجّه حياتنا عن طريق وسائل متنوعة ووفيرة؛

– قراءة علامات الروح القدس في حياة الدعوة لا تنفصل عن قراءة مراحل النمو في حياة كل إنسان.

لابد أن تدخل الى العمق

فهذه هي مشكلة العصر: العيش بخجل على هامش الحياة والانشغال بمسائل ثانوية. والمجتمع بدوره يساعد على أن يحيا الإنسان في سطحية (تقاليد وعادات ومجاملات…الخ).

يبحث الشخص الواعي عن مركز وجوده الباطني حيث \”القلب\” الذي يمنح الحرية والتكامل. وفي هذه المسيرة نحو البحث عن ملء الحياة، يكتشف الشخص داخله حقائق لا يمكن التنازل عنها ومن أجلها مستعد لان يحارب ويموت.

قصة: (تحكي فتاة) حاولت عدة مرات أن أعطي معنى لحياتي ولكني لم أنجح في ذلك، فالبيئة وطبعي والانعزالية وسجني في الدراسة… كل هذه الأشياء صارت دائرة مغلقة أطبقت عليّ. بعد فترة حدث شيء غير عادي، بدأت أشعر بالفراغ من حولي وبداخلي وفهمت أن هناك شيئين وحدهما يمكنهما أن يملئا حياتي: الله والآخرين. وبمعنى أخر: الحب.

بدأت أفهم أن معنى الحياة والآخرين ومعنى الله نفسه هو الحب – الحب كعطية. أصبحت أعيش كل هذه الأشياء كموضوع واحد.

الأنجيل ضمان الأختيار

لا يختار الإنسان بقواه الذاتية وإنما بنعمة الله، فالله هو الذي يبادر ويختار \”لستم أنتم اخترتموني، بل أنا أخترتكم\”. فهو الذي يختارك برحمة من لدنه، وليس لأنك الأعظم أو الأفضل. هو يختارك لتبقى معه وتخدمه (مر3/ 13-14).

يعتبر الإنجيل هو ضمان نجاح دعوتي وأختياري. فالأنبا أنطونيوس الكبير اختار عندما سمع الإنجيل. والقديس فرنسيس الأسيزي – بالرغم من مروره بمراحل واختبارات متعددة- قرر حياته بعد سماع الإنجيل. عندما سمع وطلب من الكاهن التفسير، أعلن بصوته: \”هذا ما أريد، هذا ما أتوق إليه، هذا ما أرغب في تحقيقه بكل كياني\”.

فيا أخي، يا أختي:

اجعلوا الحياة مغامرة لذيذة ورائعة، تكتشفوا من خلالها روعة الإله الذي أحبنا ومازال يحب كل واحد فينا. تذوقوا جمال الكون والطبيعة من حولكم، واسجدوا لله اعترافاً له على طريقة تشكيله لاجسادكم وأرواحكم. وفي شكركم هذا، اخبروه انكم \”هتحسبوها صح، عشان تعيشوها صح!!\”.

فرنسيسكان مصر