stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

مقال لمدير صحيفة أوسيرفاتوري رومانو يسلط الضوء على تعاليم البابا حول المسنين والأجداد

360views

نقلا عن موقع الفاتيكان نيوز

28 يوليو 2022

كتب : فتحى ميلاد – المكتب الاعلامي الكاثوليكي بمصر .

لمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للأجداد، والذي صادف هذا العام في الرابع والعشرين من تموز يوليو، كتب مدير صحيفة أوسيرفاتوري رومانو الفاتيكانية أندريا موندا مقالاً افتتاحياً سلط فيه الضوء على تعاليم البابا فرنسيس المتعلقة بالمسنين، خصوصا بالتزامن مع الاحتفال بعيد القديسة حنة، والدة العذراء مريم، وأكد أننا جميعاً نسير معاً كأخوة وأخوات، مع الأشخاص الأحياء، كما مع الأموات الذين سبقونا، ومن سيتأتون من بعدنا، مشددا على ضرورة أن نكتنز الإرث الذي تركه لنا الأجداد.

سلط السيد موندا الضوء على أهمية العودة إلى الجذور وإلى الينابيع، ليس فقط بدافع الحنين إلى الماضي، لكن أيضا كي نتمكن من السير إلى الأمام، ومن مواجهة تحديات الحياة. وذكّر بأن البابا فرنسيس وخلال زيارته الرسولية إلى كندا تحدث عن أهمية العلاقة السليمة مع الماضي ومع التاريخ. وتوقف عند الاحتفال بالقداس الإلهي في إستاد الكومونويلث في إدمونتون، لمناسبة الاحتفال بعيد القديسَين يواكيم وحنة، والدَي العذراء مريم، عندما تحدث البابا عن الأجداد، وذكّر بأننا أبناء تاريخ علينا أن نحافظ عليه، ولسنا أفراداً معزولين عن بعضنا البعض، لسنا كالجزر، ولا أحد يأتي إلى هذا العالم بمعزل عن الآخرين. وشدد فرنسيس على أن جذورنا والحبّ الذي وجدناه عندما جئنا إلى هذا العالم، والبيئات العائلية التي وُلدنا وترعرعنا فيها كلها جزء من تاريخ فريد، سبقنا وأنجبَنا. وقال إننا لم نختر هذا التاريخ، لقد نلناه كهبة، ونحن مدعوون إلى الحفاظ عليه.

بعدها ذكّر السيد موندا بأن الحبر الأعظم يقول لنا إننا أبناء هذا التاريخ الذي ينبغي الحفاظ عليه، مشيرا إلى أن أجدادنا والمسنين حلموا بعالم أكثر عدلاً وأخوة وتضامناً، وناضلوا من أجل هذا العالم الذي تركوه لنا. واليوم يتعين علينا ألا نخيّب آمالهم، ولا بد أن نستند إليهم، لأنهم جذورنا، كي نتمكن من إعطاء الثمار المرجوة، نحن الأغصان التي ينبغي أن تُزهر، وأن تترك بذوراً جديدة في التاريخ. وأوضح أن البابا فرنسيس شاء أن يقدم لنا هذه الصورة، صورة الجذور والأغصان، صورة الشجرة.

تابع مدير صحيفة أوسيرفاتوري رومانو الفاتيكانية مقاله متوقفا عند القداس الذي احتفل به البابا يوم الاثنين الفائت في كنيسة القلب الأقدس في إدمونتون، أمام مذبح بُني على جذع شجرة كبير، وتحدث عن المصالحة، قائلا إن الرب يسوع صالحنا مع بعضنا من على الصليب، من على خشبة الحياة، كما كان يحب أن يسميها المسيحيون القدامى. وتوجه بعدها إلى السكان الأصليين في كندا، مؤكدا أن لدى هؤلاء الكثير من العبر التي يمكن أن نتعلمها منهم، كتلك المتعلقة من الشجرة التي تنمو من الأرض، من الجذور، وتغذينا بثمارها. وجميل أن يكون جذع الشجرة موجوداً تحت المذبح حيث يصالحنا الرب يسوع بواسطة سر الإفخارستيا. وهو عمل محبة كونية، تجمع بين الأرض والسماء، وتعانق الخليقة كلها وتدخل إلى قلبها، كما جاء في الرسالة العامة “كن مسبحا”. فالرب يسوع، من على الصليب، صالحنا وجمع بيننا، وعانق الجميع وكل شيء.

هذا ثم أوضح السيد موندا أن البابا عاد للحديث عن هذا الموضوع في اليوم الثالث لزيارته الرسولية إلى كندا، متوقفاً عند “حج التوبة” الذي يقوم به. تطرق إلى الأجداد ولفت إلى أن هؤلاء زرعوا في داخلنا شيئا لا يمكن أن يُمّحى أبدا، وفي الوقت نفسه سمحوا لنا أن نكون أشخاصا فريدين وأحرارا. فمن الأجداد تعلمنا أن الحب لا يتم بالإكراه، ولا يحرم الشخص الآخر من حريته الداخلية. وأشار موندا إلى أن الحبر الأعظم توجه بهذه الكلمات إلى أشخاص مجروحين، لأنهم تعرضوا لعملية إلغاء هويتهم الخاصة، ومن هذا الواقع علينا أن نتعلم درساً كأفراد وككنيسة، كما يقول البابا فرنسيس، ألا وهو عدم خنق ضمير الآخرين وعدم تكبيل حرية الشخص الموجود أمامنا.

وأضاف المسؤول الفاتيكاني أن هذه الممارسات البغيضة حصلت في البيئة حيث كان ينبغي ألا تحصل، أي المدرسة. وذكّر بعظة البابا يوم الاثنين الفائت في كنيسة القلب الأقدس في إدمونتون عندما شدد على أن التربية يجب أن تنطلق دوماً من احترام الآخرين وتنمية المواهب الموجودة أصلا في الأشخاص. وهذه التربية لا يمكن أن تكون برنامجاً معلّباً يُفرض على الأطفال، لأن التربية هي مغامرة نكتشف فيها معاً أسرار الحياة. ولفت موندا إلى أن المدرسة هي في الواقع البيئة حيث يلتقي الحاضر بالمستقبل، كما لا يمكن أن تُرافق الأجيال الناشئة نحو المستقبل من خلال إلغاء ماضيها. وذكّر بأن هذه هي المأساة التي وقعت في المدارس الداخلية الإجبارية في كندا، وكانت صفحة مأساوية وعبثية. وتساءل كيف يمكن أن يُسلخ هؤلاء الأطفال عن أجدادهم في فترة شرعوا فيها بالنمو. وهنا – مضى يقول – يدلنا البابا فرنسيس على الينبوع الذي يشكله الأجداد إذ يقدمون لنا العزاء والسلوان في الأوقات الصعبة، يقدمون لنا النور الضروري للتمييز والشجاعة اللازمة لمواجهة تحديات الحياة.

ويوم الثلاثاء، عند ضفاف بحيرة القديسة حنة، تحدث البابا عن الصمت الذي يساعدنا على العودة إلى ينابيع الإيمان، على الحج إلى الأماكن المقدسة، لنتخيل يسوع يقوم برسالته الأرضية عند ضفاف بحيرة الجليل. هناك بشّر يسوع بملكوت الله إلى أناس مختلفين عن بعضهم البعض، فأصبحت البحيرة مقراً لإعلان الأخوّة، لثورة الحب التي لم توقع قتلى وجرحى. وأكد فرنسيس إن هذا المكان يذكرنا بأن الأخوة تكون أصيلة عندما تجمع بين أشخاص بعيدين، وبأن رسالة الوحدة التي توجهها لنا السماء لا تخشى الاختلافات، بل تدعونا إلى الشركة، وإلى الانطلاق مجددا، لأننا جميعاً حجاج على هذه الأرض. ختم مدير صحيفة أوسيرفاتوري رومانو مقاله مشيرا إلى أننا حجاج في هذا العالم، ولسنا أسياده، لأننا أشخاص نلناه كهبة، نسير إلى الأمام، ويحركنا الامتنان على هذه العطية التي نلناها.