من يثبت للمنتهى يخلص – الأب وليم سيدهم
تتحدث الأناجيل عن نهاية العالم و عن الكوارث التى ستحل في ذلك الحين، وسط هذا الخراب وهذه الفوضى الكونية يجد المؤمن نفسه محاط بأخطار الموت و التشرد و البحث عن مكان آمن للجوء إليه.
رغم أن الإنسان في صراعه مع الطبيعة إستطاع أن يُخضع البحر و البر و الجو لسلطته و يستخدم تقنيات الإستشعار عن بُعد لكى يصنع السحاب و يغطى أرجاء الكوكب و جزء من الكون بشبكات الإتصال و رصد المعلومات إلا أنه مازال يسقط الآلاف ضحايا هذه الظواهر البيئية و الكونية كل عام.
و معلوم أن القرون السابقة على القرن الثامن عشر إلى وقتنا الحالى حيث إزدهرت العلوم و إستطاع العقل البشرى أن يكتشف و يبدع أدوات تكنولوجية حديثة فإن أجدادنا كانوا تحت السيطرة الكاملة لغضب الطبيعة من براكين و زلازل و صواعق و رياح عاتية و كانوا يتخيلون أن كل هذه المظاهر تعبر عن غضب الله و عن سطوته على الإنسان.
و لقد عبر الكتاب المقدس عن كل هذه المظاهر بطريقة تتناسب مع الإيمان بقدرة الله و حكمته و هو الضابط الكل و إستعارت الكتب المقدسة من معتقدات الناس في الشرق الأوسط و بلاد ما بين النهرين هذه المظاهر الكونية تتحدث عن يوم الدينونة و يوم نهاية العالم.
و في هذا الإطار الكارثى كان على المؤمن أن يجاهد حتى يكون مستعداً لهذا اليوم، أن يكون مستعد للإنتقال من هذه الحياة الفانية إلى الحياة الخالدة المستقرة في حضرة خالق الأكوان.
و رغم أن المجئ الثانى للمسيح يفترض أكمّال وصول الرسالة إلى العالم أجمع ، كما يفترض أن هذا المجئ سيتحقق بإخضاع كل أعداء الله تحت قدميه و آخر هؤلاء الأعداء هو الموت ذاته. فإن كثير ما يقاطع مجئ المسيح مع نهاية العالم و العلامات الكارثية التى تصحبه.
و يبين القديس متى في فصل 25 مشهد الدينونة الأخيرة و فيه يمثل الأبرار و الأشرار أمام المسيح ”فيفصل الخراف عن الجداء” لكى يحاسب كل واحد كحسب أعماله فيقول للخراف المرموز لهم بالأبرار قائلاً : “ثم يقول الملك للذين عن يمينه: ((تعالوا، يا من باركهم أبي، فرثوا الملكوت المعد لكم منذ إنشاء العالم: لأني جعت فأطعمتموني، وعطشت فسقيتموني، وكنت غريبا فآويتموني، وعريانا فكسوتموني، ومريضا فعدتموني، وسجينا فجئتم إلي )). فيجيبه الأبرار: ((يا رب، متى رأيناك جائعا فأطعمناك أو عطشان فسقيناك ؟ ومتى رأيناك غريبا فآويناك أو عريانا فكسوناك ؟ ومتى رأيناك مريضا أو سجينا فجئنا إليك؟ )) فيجيبهم الملك: ((الحق أقول لكم: كلما صنعتم شيئا من ذلك لواحد من إخوتي هؤلاء الصغار، فلي قد صنعتموه )) ثم يقول للذين عن الشمال: ((إليكم عني، أيها الملاعين، إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته: لأني جعت فما أطعمتموني، وعطشت فما سقيتموني، وكنت غريبا فما آويتموني، وعريانا فما كسوتموني، ومريضا وسجينا فما زرتموني )). فيجيبه هؤلاء أيضا: ((يا رب، متى رأيناك جائعا أو عطشان، غريبا أو عريانا، مريضا أو سجينا، وما أسعفناك؟ )) فيجيبهم: ((الحق أقول لكم: أيما مرة لم تصنعوا ذلك لواحد من هؤلاء الصغار فلي لم تصنعوه )). فيذهب هؤلاء إلى العذاب الأبدي، والأبرار إلى الحياة الأبدية )).(متى 25 : 34 – 46).
و هذه الدينونة تأتى بعد تأكيد الكتاب المقدس على سلوك المؤمن أمام كل المخاطر التى ذكرناها سابقاً، فمن يفقد صبره و إيمانه بالله تحت هذه الظروف و يتصرف برعونة و قلة إيمان فإنه يفقد ثباته و قوته و شجاعته. أما الموقف الداخلى المطلوب فهو “الثبات” في الشدائد و لذلك في النهاية يقول الكتاب”والذي يثبت إلى النهاية فذاك الذي يخلص”. فكونوا مستعدين لأنه لا أحد يعلم هذا اليوم