موضوعات خاصة بسنة الإيمان 10
لماذا يتشفع الكاثوليك بالعذراء والقديسين بينما الوحي الإلهي يعلمنا أن ثمَّة شفيع ووسيط واحد هو يسوع المسيح؟
عندما يصلّي الكاثوليّك إلى مريم العذراء والقديسين ، الَّذين في السّماء ، متشفّعين بهم ، فأنّهم بذلك لا يتخطّوا المسيح ، كما لا يُنكرون كونه الشَّفيع والوسيط الوحيد بين الله والنَّاس . إنَّ الكنيسة وهي الجسد السّريّ ليسوع المسيح الواحد تؤمن بمبدأ الشّراكة فيما بين أعضاءها ، يقول القديس بولس الرّسول في الجسد الواحد : ” إذا تألم عضو تألّمت معه سائر الأعضاء ” . هذه الشراكة تمتد أيضًا فيما هو قداسة ، فبمقدار ما يتقدس العضو يضفي قداسة بدوره على سائر الأعضاء . فالتشفّع بسائر القديسين وعلى رأسهم العذراء مريم يأتي في سياق علاقتهم الحميميّة بشخص يسوع المسيح ، وهو بذاته يهبهم هذه النعمة ؛ إنّها أضواء في طريق الإنسان ليبلغ إلى كمال الإنسان في يسوع المسيح بوصفه المثال الحقيقيّ للإنسان الذي يجب فينا أن يكون . يشهد القديس يعقوب عن هذه الشفاعة ، فيقول : ” طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلها ” (يعقوب 5 : 16). فكم بالحريّ تكون صلاة العذراء مريم الكلّيّة القداسة ، والمنزهة عن أيّ خطيئة ! ألاَّ تتشفع فينا عند الرب يسوع بحكم أنها والدة الله ؟ ألم تتشفع قبلاً في عرس قانا الجليل ، أولى معجزات ابنها ، فتحوّل الموقف من الحرج إلى ملء الفرح ، حيث تحوّل الماء إلى خمر؟ إننا بهذا المعنى نأتي إلي الرّبّ يسوع من خلال أمه ، كما أتى هو أولاً إلينا من خلالها . (يوحنا 2:2-11). كما يطلب القديس بولس من المؤمنين رفقائه أن يشفعوا له بصلاتهم من أجله : ” أخيراً أيها الإخوة صلوا لأجلنا لكي تجري كلمة الرب وتتمجد “(2 تس/ 1-3). وأيضًا في رسالته إلى أهل رومية : ” فأطلب إليكم أيها الإخوة بربنا يسوع المسيح وبمحبة الروح أن تجاهدوا معي في الصلوات من أجلي إلى الله ” ( رومية 15 : 30). إنّ سفر الرؤيا ، يوضّح لنا أيضًا كيف أن القديسين في السّماء يشفعون لنا أمام عرش المسيح الحمل ، وهم حاملون مجامر البَخور بأيديهم ، إنه لمن الواضح جدًا في التقليد المسيحيّ للآباء الأوائل سعيهم بشغف لطلب شفاعتهم . كتب القديس يوحنّا الذّهبيّ الفم في القرن الرّابع كثيرًا عن إستجابة الله للشهداء والقديسين . فما بالنا باستجابته لوالدة الإله العذراء مريم . إنّ شفاعة القديسين وعلى رأسهم والدة الله ، الكلّيّة القداسة أمرٌ خصّه الآباء على مرّ العصور ، الأمر الذي يعكس مدى فهمه للوحي فيما يخصّ الشّفاعة .