stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

« مَا تَكَلَّمَ إِنْسَانٌ يَوْمًا مِثْلَ هذَا الإِنْسَان ! » الطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن

458views

الطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن (1801 – 1890)، كاهن ومؤسّس جماعة دينيّة ولاهوتيّ
عظات أبرشيّة بسيطة(Parochial and Plain Sermons)، الفصل 4، العدد 17

« مَا تَكَلَّمَ إِنْسَانٌ يَوْمًا مِثْلَ هذَا الإِنْسَان ! »

لقد رفض الربّ يسوع المسيح أن يشهد لنفسه وأن يقول مَن هو ومن أين أتى؛ لقد كان بين معاصريه “كالَّذي يَخدُم” (لو 22: 27). من الواضح أنّ الرسل لم يفهموا مَن كان بينهم إلاَ بعد قيامته، وخصوصًا بعد صعوده إلى السماء، حينما حلّ الروح القدس عليهم. لقد عرفوا ما حصل عندما انتهى كلّ شيء ولكن ليس في حينه. والحال هذه، فإنّنا نرى هنا، على ما أعتقد، تجلّي مبدأ عام غالبًا ما نصادفه في الكتاب المقدّس وفي العالم، وهو أنّنا لا نميّز حضور الله في الوقت الّذي يكون معنا، إنّما نكتشف ذلك من بعد، حين نوجّه أنظارنا إلى ما حدث ولم يعد قائمًا…

تجري أحداثٌ في حياتنا، المؤلم منها والمُفرِح، لكنّنا لا نفقه معناها في حينه؛ ولا نجد فيها يد الله. إن كان لدينا الإيمان، فإنّنا نعترف بما لا نرى، ونعتبر أنّ كلّ ما يحدث لنا يأتي منه. لكن، سواء قبلنا ذلك أم لا بروح الإيمان، فليس هناك من وسيلة أخرى لقبوله. إنّنا لا نرى شيئًا. لا نعرف لما يحدث أمرٌ ما ولا إلامَ يرمي. لقد قال يعقوب يومًا: “كُلُّ هذا عَلَيَّ” (تك 42: 36)؛ بالتأكيد، كان كلّ شيء يوحي بأن الأمور على تلك الحال… لكن تبيّن لاحقًا أنّ تلك المآسي تحولّت إلى خير. فلنأخذ مثلاً يوسف ابنه الّذي باعه إخوته، واقتيد إلى مصر، وسُجِن وكانت السّهام تدخل إلى نفسه، وكان ينتظر أن يُميل الربّ إليه رحمته. قال النصّ المقدّس مرارًا: “وكانَ الربّ مع يوسف”… فيما بعد، فهم ما كان في حينه سرّي، فقال لإخوته: “أَرسَلَني اللهُ قُدَّامَكم ليُحيِيَكم. لستم أنتم من أرسلتموني إلى هنا، إنّه الله” (تك 45: 7).

يا لها من عناية إلهيّة، فعّالة وإن كانت صامتة، ثابتة ولا تخطئ! وهذا ما يُبطل قوّة الشيطان؛ فهو لا يستطيع أن يرى يد الله تعمل في خلال الأحداث.