نسمات روحية مونسنيور توماس حليم
٢٠ سبتمبر
الصليب في حياتنا
المسيحية و الصليب
1- الصليب والمحبة
المحبة تُختبر بالألم. نختبرها بالضيقة، ونختبرها بالعطاء والبذل. الذي لا يستطيع أن يبذل، هو إنسان لا يحب، أو أنّ محبته ناقصة، أو يفضّل ذاته على غيره … أمّا إن أحبّ، فإنّه يبذل … وكلّما يزداد حبّه، يزداد بذله، حتى يبذل كل شيء.
وهكذا صارت صورة يسوع المسيح المصلوب، هي أجمل الصور أمام البشرية كلها. إنهّا صورة الحب الباذل، في أعماق بذله ” هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد” (يو 3: 16).
وقداسة البابا بندكتوس في رسالته بمناسبة الصوم الكبير 2006 يؤكّد على تلك المحبّة بقوله: “أيّها الأخوة والأخوات، لنتأمل بالمسيح المطعون على الصليب! إنه هو علامة محبّة الله المذهلة، محبة يلتقي فيها الأغابي (المحبّة) والإيروس (العشق) المتعاكسين. الله نفسه – على الصليب – يلتمس المحبة من خليقته: إنّه عطِش إلى محبّة كلّ واحد منا. توما الرسول اعترف بيسوع “كـرب وإله” بعد أن وضع يده في جرح جنبه وليس من العجب أن يجد الكثير من القدّيسين في قلب يسوع التعبير الأسمى عن سر المحبّة هذا؛ قد يمكن القول بأنّ إيروس الله للإنسان هو، في الواقع، التعبير الأسمى عن الاغابي. في الحقيقة، وحدها المحبّة، التي تجمع بين عطاء الذّات المجاني والرغبة التوّاقة إلى المبادلة، يمكنها أن تمنح نشوة تخفّف من حدّة التضحيات الشاقة”. فقد قال يسوع: “وأنا متى رُفِعت من الأرض، جذبت إليّ الناس أجمعين” (يوحنا 12، 32), الجواب الذي يريده منّا الرب بحرارة، هو أن نقبل محبتّه وننجذب إليه. ولكن مجرّد قبول محبتّه لا يكفي. علينا مبادلة هكذا محبّة، والسعي إلى إيصالها للآخرين: المسيح “يجتذبني إليه” ليتّحد بي، ويعلّمني أن أحب الأخوة كما هو أحبّني”.