نسمات روحية – مونسنيور توماس حليم
الصليب في حياتنا
المسيحية و الصليب
٢- – الصليب والإيمان المسيحي
فإنهّا لجهالة عند الذين لا يقتبلون ذلك بإيمان ويشكّكون في صلاح الله واقتداره العام، بل يدقّقون في بحث الإلهيّات بأفكار بشرية وطبيعية، لأنّ كل ما يتعلق بالله هو فوق الطبيعة والنطق والتفكير. فإذا تساءل أحدهم كيف وبماذا أخرج الله كل شيء من العدم إلى الوجود، وأراد أن يعبرِّ عن ذلك بأفكار طبيعية، فهو لا يستوعبه وتكون معرفته نفسها طبيعية وشيطانية، لذلك يمكن أن نفهم موقف بطرس المتحمّس دائماً، فبعدما اعترف بالمسيح يرفض الآن بقوله: “حاشا لك يا رب! لن يصيبك هذا”. وبعدما مدحه السيّد المسيح وأثنى عليه وسلَّمه سلطة قيادة الكنيسة فإنّه يزجره الآن بقوله: “انسحب ورائي! يا شيطان، فأنت لي حجر عثرة، لأنّ أفكارك ليست أفكار الله، بل أفكار البشر”. أمّا الإنسان إذا أنقاد على هدي الإيمان وفكَّر بأن الإله صالح وقدير وصادق وحكيم وعادل، فهو يرى كل شيء سهلاً وممهداً، والسبيل إليه رحباً. فإنّه لا يمكن الخلاص بدون الإيمان، ولا يمكن حمل الصليب بدون الإيمان. وبالإيمان يقوم كل شيء، بشرياً كان أم روحياً.