نسمات روحية – مونسنيور توماس حليم
كلِمات يَسوع على الصَليب
الكلمة الخامسة
أنا عطشان
وإذا أمعنّا النظر في قوله له المجد: “أنا عطشان” تتجلّى لنا شخصيته المباركة في أربعة أمور: طبيعته، عمله، مثاله، ومطلبه.
1- طبيعته
نعم إنّ يسوع هو حقيقة عطشان، كما انّه كان منهوك القِوى عند بئر يعقوب، وكما انه بكى حقيقة على أورشليم وعلى لعازر صديقه وكما انّه، انحنى على الأرض خوفاً من الألم وتأففاً من الألم الغير الناجع. يا للعجب! إنّ الذي يقول: “أنا عطشان” هو نفسه الذي قال “إنّي سأعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجّاناً” (رؤيا 21: 6)، والذي يفتقر إلى نقطة ماء هو الذي “به كان كل شيء وبدونه ما كان شيء مما كان” (يوحنا 1: 3). ولا غرابة، فالمسافة اللانهائية بين عرشه الذي يجري منه نهر ماء الحياة صافياً كبلّور، وبين صليبه المنشئ لأقسى أنواع العطش هي حدود محبتّه الفائقة التي جعلته يخلي نفسه، ويظهر لصالبيه كإنسان ضعيف محتاج. ولأنّه وصل في ناسوته إلى هذا الدرك الأسفل من الهوان، استغاث وليس مَن يغيث.