نسمات روحية – مونسنيور توماس حليم
كلِمات يَسوع على الصَليب
الكلمة الخامسة
أنا عطشان
وإذا أمعنّا النظر في قوله له المجد: “أنا عطشان” تتجلّى لنا شخصيته المباركة في أربعة أمور: طبيعته، عمله، مثاله، ومطلبه.
٤- مطلبه
كما يقول أيضا يسوع:” هاءَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى ٱلْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ ٱلْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي” (رؤيا 3/ 20 ). إنّه عطشان ليباركنا ولتكون له شركة معنا. فلا يجب أن نفعل ما فعل صالبوه بتقديم قلبٍ فاتر كالخلّ، بل لنسكب قلوباً مُخْلِصة يستريح لها قلبه. نقابل بين هذا العطش الحقيقي الذي أحس به يسوع، وبين عطش اخوة يسوع، وأعضاء جسده السري من المرضى والمساكين، إن رأس هذا الجسد السري الرائع لا يزال حقا يطلب ماء ليشرب، بفم هؤلاء المساكين. فلا زال المسيح ينادينا اليوم في الفقراء: ”أنا عطشان” ليحرك قلوبنا نحوهم. وكم من فقراء في حالاتٍ تعيسة من جوع وعطش وعري ومرض، يكلّمنا المسيح فيهم، لأنهم إخوته الصغار. فإن كنا نؤمن بقول الكتاب المقدس: “مَنْ يَرْحَمُ ٱلْفَقِيرَ يُقْرِضُ ٱلرَّبَّ فهُو يُجازيه على صَنيعِه” (أمثال 19: 17) فلماذا لا نملأ أيدي الفقراء، ونحن نشعر بعظم الواجب والشرف الناتج عن ذلك.
ولا زال المسيح اليوم ينادي في الخطأة: “أنا عطشان”. عطشان لخلاصهم. فهل من يسمع ويشارك مباهج خلاصه معهم، فيفرح هو وتفرح السماء بخاطئ يتوب: “هكذا يكون الفرح في السماء بخاطىء واحد يتوب أكثر منه بتسعة وتسعين من الأبرار لا يحتاجون إلى التوبة” (لوقا 15: 7 )! أو لسنا عطشى إلى السعادة الملَكُوتية.