stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

نصائح الراحل الكندي جان فانييه ’أبي المهمّشين‘

922views

القدس – أشخين ديمرجيان ‏
‎2019/05/20‎

‏”لم يكفّ جان فانييه (وهو علماني كاثوليكي ملتزم بخدمة الله والإنسان) عن ‏العمل لكي يتمّ تقبّل الأشخاص الأكثر ضعفاً والمُبعَدين، وكي يتمّ الاعتراف بهم ‏كإخوة وأخوات” هذا ما كتب قداسة البابا فرنسيس في رسالة تمّت قراءتها ‏خلال مراسم دفن فانييه. وأضاف الحبر الأعظم “عبر البحث عن العيش متّحدًا ‏بالمسيح، تقبّل فانييه المهمّشين والضعفاء ضمن احترام الاختلافات الدينيّة ‏والاجتماعيّة”. وتابع: “أطلب من الله أن يحمي عائلة ’سفينة نوح‘ الكبيرة ‏والجميلة (التي أسسها فانييه)، راجيًا أن تتابع الجماعات في إثبات أنّ كلّ ‏شخص، مهما كانت إعاقته، محبوب عند الله ومدعوّ ليشارك في عالم أخوّة ‏وعدل وسلام”.‏
ولد جان فانييه في جنيف عام 1928 لأبٍ دبلوماسي سفير وبطل من أبطال ‏الحرب. وعندما تطوّع فانييه مع أمّه لمساعدة منكوبي الحرب العالمية الثانية، ‏هاله منظر الهياكل العظمية من البشر الذين واجهوا الكثير من سوء المعاملة ‏حتّى القتل، ممّا أدّى إلى تغيير مجرى حياته إلى الأبد.‏
قرّر فانييه أن يكرّس حياته في تتميم تعاليم السيّد المسيح والقيام بأعمال ‏إنسانيّة يومية تُرضي الرب، وقام بإنشاء مؤسسة غير ربحيّة تُدعى “لارش” ‏‏(أي “سفينة نوح”) في فرنسا سنة 1964، أصبحت فيما بعد اتحادًا دوليًا ‏ينتشر اليوم في 38 دولة، وتضمّ حوالي عشرة آلاف شخص. وتحتضن هذه ‏الجماعات العديد من بيوت الحياة المشتركة بين الأشخاص ذوي الإعاقات ‏العقلية والعاملين أو المتطوّعين في مرافقتهم.‏
وفي عام 1971، قام الراحل جان فانييه بتأسيس حركة “إيمان ونور”، وهي ‏مؤسسة دولية تعمل على جمع الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية وعائلاتهم ‏وأصدقائهم. ولم يتوقّف أبدًا عن الشهادة لثراء الحياة المشتركة والأخوّة مع أكثر ‏الناس هشاشة، ورغبته الملحّة في الحفاظ على كرامة هؤلاء الأشخاص ‏ومكانتهم في المجتمع.‏
توفّي فانييه بمرض السرطان في 7 من شهر أيار الحالي عن عمر يناهز ‏التسعين. وبمناسبة عيد ميلاده التسعين، نُشر شريط فيديو بعنوان “عشر ‏قواعد للحياة”. تكريمًا لهذا الفيلسوف والناشط الإنساني، أنقل فيما يلي ‏مقتطفات من نصائح فانييه ليعيش الإنسان حياة كريمة صالحة:‏
عامل جسدك برفق
يقول فانييه أنّنا غالبًا ما نرغب في أن نبدو أصغر سنًّا من عمرنا الحقيقي. ولكن ‏حسب رأيه علينا أن نتقبّل عمرنا الزمني على ما هو عليه، وأن نقرّ بمحدودية ‏جسمنا حينما نكبر كي نعيش بسلام معه بلا صراعات واعتراضات. حينما ‏نتصالح مع هذه التغييرات سوف نرى الايجابيات والخير الذي يغمر حياتنا، ولا ‏نركّز على الإعاقات الجسدية، وأيضًا نقدر العديد من الوظائف التي يقوم بها.‏
وينصح الراحل فانييه الرجال التعبير عن أنفسهم
ويستطرد: غالبًا ما يتمّ تربية الرجال على قمع عواطفهم وعدم البوح بها. وعلى ‏إبقاء كلّ شيء في الباطن كما في زجاجات معبأة، وهكذا يتراكم الإحباط، ممّا ‏يؤدي بالرجل إلى الانفجار غضبًا، أو إلى إدمان المخدّرات أو الكحول. لذلك ‏على الرجل أن يفصح عن مخاوفه ومشاعره، وإلاّ سوف ينسحق تحت ثقلها.‏
ويشجّعنا جان فانييه ألاّ نخشى الإخفاق
حسب رأيه، معظم الناس يعتقدون أن الحب يُعدّ مكافأة للنجاح، وأنه إذا أخفق ‏أحدهم في أمر ما، هذا يعني أنّه لا يستحق الاحترام أو الحب. وهذا الاستنتاج ‏غير صحيح لأننا لسنا مجموعة نجاحات واخفاقات، وغالباً ما تكون محاولاتنا في ‏الانجاز والنجاح جوهرية أكثر من النتيجة النهائية.‏
يقول فانييه للمتزوّج : تزوّج زوجتك، لا وظيفتك
يخطىء الأزواج الذين يميلون إلى الغرق في خضمّ الأعمال اليومية ويضعون ‏حق الأولوية لحياتهم الوظيفية بدل حياتهم الزوجية والاهتمام بزوجاتهم. لأن ‏السعادة الزوجية أساسية أكثر من الترقية في العمل. والتواصل مع شريك ‏الحياة هو ضرورة كبرى وليس إنجاز مهامّ العمل.‏
كن حاضرًا
وكن أكثر وعيًا لطريقة استخدامك للتكنولوجيا ووسائل الإعلام الاجتماعية، ‏وتعلّم كيف تتواصل اجتماعيًا مع الأصدقاء من غير النظر إلى هاتفك أو إلى ‏شاشة التلفزيون كل بضع ثوان. مع مراعاة الاصغاء إلى الشخص الذي تتحدث ‏إليه. وتذكر دومًا أنّ أجسادنا وعقولنا مبنيّة لإجراء المحادثات وللتواصل مع الغير ‏مباشرة وجهًا لوجه.‏
إذا كنت ترغب في مساعدة الناس، عليك التعرّف بهم: بناء على رأي ‏فانييه
على الأغلب لا نرى ولا نتعرف فعلاً على الناس الذين نحاول مساعدتهم، بل ‏نتعرّف على مشاكلهم فقط. مع أنّه ينبغي الاستماع إليهم، ومعرفة السبب ‏الذى أوصلهم إلى حالتهم الراهنة. والتأكيد أننا لا نفكر في خدمتهم ورعايتهم ‏فحسب بلنودّمعرفتهم على مستوى فردي.‏
اعرف نفسك
أنت تعرف معتقداتك وقدراتك، ولكن هل أنت على دراية بعيوبك؟ هل بإمكانك ‏الافصاح صراحة عن مخاوفك؟ بغية تحسين نفسك، ينبغي أوّلاً أن تعرف ‏نفسك.‏
تعزيز الرحمة عن طريق الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك
كي يصبح الفرد متسامحًا، ينبغي أن ينظر إلى كل المجموعات التي ينتمي ‏إليها من: أسرة، وقبيلة، ودين، وجنسية. ويكوّن صداقات مع أناس ذوي خبرات ‏مختلفة وخلفيّات متنوّعة.‏
ينبّه جان فانييه إلى ضرورة اصغاء الإنسان إلى روحه
نحن مخلوقات تتميّز بالفضول والرغبة المستمرّة في تحقيق أشياء عظيمة. لذا ‏علينا اتباع صوتنا الباطني وإلاّ سوف تعاني أرواحنا من الجوع. تأتي الروحانية ‏بأشكال كثيرة، ويمكن العثور عليها في أصغر مخلوقات الله وأكبرها، برباط يوصل ‏بين جميع أشكال الحياة.‏
ليعلم الإنسان أنّ حياته مؤقتة
كلّنا نحلم في ترك بصمة من بصماتنا في هذا العالم، ولكن كما يقول الشاعر ‏ب. شيلي، حتى عظماء الفراعنة قد انهاروا، ولم يتركوا من بعدهم سوى ‏الاسم الذي زال هو الآخر مع الزمن. نحن لسنا مخلوقات تعيش على الأرض ‏حياة أبدية، والعالم سوف يستمرّ من بعدنا‎.‎
خاتمة
نحن بحاجة إلى أناس أمثال الراحل جان فانييه كي تنتشر في الكون أماكن ‏التعاطف والرفق بذوي العاهات والمرضى وتتحقّق فيهم الوعود التي وردت في ‏عظة المسيح على الجبل: “طوبى للحزانى فإنّهم يُعزَّون.. طوبى للرحماء لأنهم ‏يُرحمون” (متّى 5: 7). وفي اعتقادي أنّ الراحل فانييه قد أتمّ جميع التطويبات ‏المذكورة في الانجيل المقدّس. وبقيت بصمة محبّته الواسعة في مؤسساته ‏التي انتشرت في كلّ أنحاء العالم. ومن المذهل أنّ الكاردينال الراحل صفير ‏وكذلك فانييه دخلا في نفس اليوم الحياة الأبدية حيث النعيم الأبدي الموعود ‏في الكتاب المقدّس حاملين مشعل المحبّة. لا أعتقد أنّها مجرّد صدفة و”للّه ‏في خلقه شؤون”!‏

نقلا عن موقع أبونا