نص رسالة الأب أرتورو سوسا الرئيس العام للرهبانيّة اليسوعيّة للأب وليم سيدهم رئيس مجلس إدارة جمعية النهضة العلمية والثقافية جزويت القاهرة
٢ أكتوبر ٢٠٢٢
الأب وليم سيدهم
1 شارع بستان المقسي – الفجّالة – القاهرة – مصر
عزيزي الأب وليم سيدهم – سلام المسيح
وأنتم تحتفلون بالسنة الخمسين منذ التحقتم برهبانيّتنا، يسعدني أن أتّحد معكم بصلاة الشكر الّتي ترفعونها وأن أعبّر عن امتنان رهبانيّتنا لكلّ هذه السنوات من العمل والإخلاص. أودّ خاصة أن أشكركم لالتزامكم في العديد من المجالات الرسوليّة المهمّة جدًا من أجل رسالة رهبانيتنا ضمن الكنيسة، خاصة في مصر.
لا نبالغ إذا قلنا أنّ همّكم الدائم، بصفتكم راهبًا يسوعيًّا، هو أن تجسّدوا في حياتكم القيَم الإنسانيّة والرّوحيّة الّتي نشأتم عليها في بلدتكم العزيزة، جراجوس، بتضامنكم مع الفقراء.
أبصرتم النور سنة 1948 وترعرعتم خلال سنوات ثورة 1952، وعبرتم عن امتنانكم لإقرار الرئيس جمال عبد الناصر بمجّانيّة التعليم. في جراجوس أيضًا تعرّفتم على رهبانيّتا وسوف تلتقون بها بعد ذلك في الإكليريكيّة بالمعادي ثم في مدرسة العائلة المقدّسة.
لمّا بلغتم 24 سنة، التحقتم بدير الابتداء في المنيا في أيام الأب حنّا فور (السعيد الذكر)، ثم ذهبتم إلى باريس لدارسة الفلسفة والقسم الأوّل من اللاهوت. هناك تعمّق اهتمامكم بالدراسات الإجتماعيّة. أمّا القسم الثاني للدراسات اللاهوتيّة فقد تمّ في دير القدّيس أثناسيوس في القاهرة (1981-1982) ثمّ في دير القديس إغناطيوس في بيروت (1982-1984).
كنتم في مرحلة الدراسة عندما أطلقتم العمل الإجتماعيّ في المطريّة – وهو حيّ شعبيّ في ضواحي القاهرة. في الوقت نفسه شاركتم في تأسيس جماعة “أصدقاء الصعيد” وهدفها أن يتعرّف شباب القاهرة والإسكندريّة إلى حاجات شباب الصعيد وأن يتنشّؤا في أعمال محو الأميّة لمساعدة مَن لم يكن لهم حظّ الذهاب إلى المدرسة.
بعد رسامتكم الكهنوتيّة في جراجوس في 23 سبتمبر 1984، تمّ تعينكم في المنيا، فكنتم المحرّك الأساسيّ لتحويل “جمعية خريجي الجزويت والفرير” من مجرّد نادي صداقة إلى أداة ناشطة للتنمية الإجتماعيّة، وبإنشاء مركز إعادة تأهيل أطفال القرى المعوّقين وفي مبادرات لمحو الأميّة في قرى محافظة المنيا.
منذ سبتمبر 1987 ومركز رسالتكم هي مدرسة العائلة المقدّسة، حيث، نذرتم نذوركم النهائية في 13 ديسمبر 1990. في هذه المؤسّسة، ذات الأهميّة الكبرى لرسالة اليسوعيّين التربويّة في مصر، أعطيتم أفضل ما لديكم من جهد مدّة 25 سنة كمرشد روحيّ وأستاذ لمادة الفلسفة. وأسّستم أيضا حركة “الرواد”.
ولكن التزامكم الاجتماعيّ بقي حيّا ولم تكفّوا عن توجيه حركة مَحو الأميّة في المطريّة وأنشأتم في حيّ الفجّالة “جمعيّة النهضة العلميّة والثقافيّة” المعروفة بالنهضة. من خلال هذا المركز الثقافيّ حاولتم أن تعيشوا الاختيار التفضيليّ من أجل الفقراء فأحييتم الثقافة السمعيّة البصريّة لدى سكان الحي. وأفضل دليل على التقدير الكبير لعملكم هي عروض الدعم الّتي وصلت بعد الحريق الّذي قضى على مسرح المدرسة. وتديرون أيضًا مركزا آخر، “خضرة”، الّذي يهدف إلى التوعية الصحيّة والتنمية الاجتماعيّة والثقافيّة في حيّ الشرابيّة الشعبيّ.
كلّ هذه المبادرات العمليّة جدًّا على المستوى الاجتماعيّ والثقافيّ، لم تكن عائقًا أمام البحث الفكريّ الجدّيّ؛ تشهد على ذلك كتبكم في لاهوت التحرير ويشهد أيضًا تعليمكم اللاهوت في كلّيّة العلوم الدينيّة في السكاكيني مدّة 20 سنة. ودوركم كأمين سرّ اللجنة الأسقفيّة المصريّة “العدالة والسلام” ساهم كثيرًا في توعية المؤمنين الكاثوليك للعدالة الاجتماعيّة ليس فقط في القاهرة بل أيضًا في كلّ أنحاء صعيد مصر.
يجب أن نذكر أيضًا دوركم المحرّك في مجموعة للتفكير ضمّت بعض اليسوعيّين وعددًا من أصدقائهم للبحث في أمور اجتماعيّة وثقافيّة في مصر. وقد اعتمد الإقليم على همّتكم وخبرتكم وتفانيكم فشاركتم في لجنة تنشيط القطر لأكثر من 15 سنة وفي لجنة الرسالة الاجتماعيّة وأخيرًا في شبكة جمعت كلّ الجمعيات الاجتماعيّة التي أسّسها اليسوعيّون في مصر.
استعداديّة واندفاع رسوليّ، ومحبة وأمانة في العلاقات، وروح المبادرة والثبات في التنفيذ، تأمل وصلاة من خلال العمل، تلك هي الصفات الّتي أظهرتموها ووضعتموها في خدمة رسالة الكنيسة من أجل الإنجيل. وكلّ ذلك يدفعني لأقدّم الشكر للرّبّ.
أبتِ العزيز، أود أن أعبّر عن خالص شكري عن كلّ هذه السنوات الّتي خدمتم فيها الكنيسة والرهبانيّة. وإنّي أنضمّ إلى كلّ الّذين يحتفلوم معكم بهذا اليوبيل لنشكر الله من أجل كلّ النعم الّتي ملأ بها حياتكم كما أطلب صلاتكم من أجلي ومن أجل الرهبانيّة جمعاء.
مع خالص تقديري، في المسيح يسوع.
أرتورو سوسا
الرئيس العام على الرهبانيّة اليسوعيّة