stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

أخبار الكنيسةروحية ورعوية

“ها أنا ارسلكم كحملان بين ذئاب” الاب وليم سيدهم

2.3kviews

“ها أنا  ارسلكم كحملان بين ذئاب”

الاب وليم سيدهم

 

إنها الغابة حيث الكبير يأكل الصغير، وحيث يتحكم الأقوى فى الأضعف، فيأكل الأسد الغزلان و الذئب الحملان، نحن أبعد ما يكون عما تنبأ به اشعيا النبى حيث يأكل الأسد التنين و يعيش الحمل مع الذئب و يسود السلام بين الجميع و يسكن الله و سط خليقته المتناغمة و المسافة بين الغابة و بين بلوغ ملكوت السموات كامسافة بين السماء و الأرض.

فى هذا الإطار يرسل يسوع تلاميذه هم من تمرسوا معه أثناء حياته الأرضية و عاصروا قيامته على السير على الماء و على النوم على الوسادة و سط العاصفة الشديدة، و فشلوا فى إخراج الشيطان من ابن الرجل الذى اشتكاهم لمعلمهم. الذين تعرضوا للسجن على يد رؤساء الكهنة بسبب البشارة بملكوت يسوع المسيح.

بين السماء و الأرض هى المساحة والمسافة التى يتم فيها الذهاب الى “الصيد” سأجعلكم صائدى الناس .. هكذا قال يسوع لبطرس و يوحنا بعد رحلة الصيد العجيب، ومن الوصايا الهامة التى القاها يسوع على تلاميذه: ” وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ دَخَلْتُمُوهَا فَافْحَصُوا مَنْ فِيهَا مُسْتَحِقٌ، وَأَقِيمُوا هُنَاكَ حَتَّى تَخْرُجُوا. وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقًّا فَلْيَأْتِ سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ، وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا فَلْيَرْجعْ سَلاَمُكُمْ إِلَيْكُمْ. وَمَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ كَلاَمَكُمْ فَاخْرُجُوا خَارِجًا مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا غُبَارَ أَرْجُلِكُمْ.”

إن مهمة الرسول هو البلاغ أما الباقى فعلى المرسل ، إن تاريخ الأديان حافل بالاضطهادات و الأخطار التى عاشاها الرسل لكى يبلغ الرسالة الى شعبه، نظرة على تاريخ انبياء العهد القديم ، و اكثر الأنبياء تضرراً و تعذيباً هو النبي “أرميا” الذى ولد في عام 626  وبشر لمدة 41 عاما ومات في مصر، لقد كان ارميا يتنبأ بالويلات على الشعب اليهودى و يقول لهم ما لا يريدون الإصغاء إليه كانت كلماته كالسيف البتار تؤرق الملوك و الكهنة لأنها كانت تصوب لهم سهام الإتهام و تنذرهم بالخراب ، و سفر أرميا حافل بالصراع المفتوح بين النبي و أهل قومه حول احترام الشريعة و احترام عبادة الإله الواحد.

و هكذا ايليا النبي و حبقوق و حزقيال و إذا تأملنا حياة محمد نبي الإسلام سنجد الإضطهاد و المهانة التى عاشها فى مكة و المدينة و في العهد الجديد قُتل اسطفانوس أول شهيد في المسيحية بسبب تعليمه و تأنيبه لليهود الذين قتلوا المسيح ، و سجن التلاميذ اكثر من مرة بسبب التبشير باسم المسيح مخلصاً ، و قال سيدنا يسوع ” لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنْ مُعَلِّمِهِ، بَلْ كُلُّ مَنْ صَارَ كَامِلاً يَكُونُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ.”

إذن من قال أن الرسول هو صاحب الصولجان و حامل التاج و الجالس على العرش؟؟ هذا ليس صحيحاً ، إن ما يحدث الآن ونحن في الألفية الثالثة مع الرتب الكنسية المختلفة هى بدعة تكاد تقضي على ما تبقي من مصداقية للكنيسة أمام الشباب و الشابات من المؤمنين بالمسيح.

من قال إن “الرسول اليوم” هو من يركب المرسيدس و من يسكن القصور و من يشيد الكنائس الفخمة بينما الفقراء يتضورون جوعاً و محرومون من التعليم و الصحة و السكن و الملبس، من قال أن الغابة وصلت إلى قلب الكنيسة بما فيها من صراعات على النفوذ و على الفلوس و على احتكار الحقيقة.

إن الرسول اليوم هو “الفقير” و الذى يتعرض لكل صنوف الاستغلال و ظل حافظاً على إيمانه، الفقير الذى هاجر للرزق و قبل أن يستشهد في ليبيا و العراق و سوريا على أن يجحد إيمانه، إن الرسول اليوم هو كل من يخفف عن مريض و يشارك أكله  و ملبسه و مسكنه مع المعوز ، هذا هو تلميذ المسيح.

أما الذين ظلوا يترعرعون فى ظل المؤسسات الكنسية و التربوية حتى يهاجروا و يستقروا في كندا و امريكا و استراليا فقد أخذوا أجرهم و ربما سيمتحن ايمانهم في بلاد المهجر لما تعانيه من غياب المسيح و الكنيسة و ظهور مؤسسات إجتماعية جديدة تحت مظلة حقوق الانسان أو تحت مظلة المجتمع المدنى.

نعم نحن “نمات النهار كله من أجلك، وقد حسبنا كغنم للذبح ، هكذا يقول القديس بولس و هو لسان حال الفقراء و المضطهدين فى شرقنا العربى من العراق و سوريا و مصر ممن لم يستطيعوا الفرار بجلدهم و أموالهم ليفتتحوا مشاريع ضخمة في اماكن اخرى. إن رسول اليوم هو من نذر نفسه للصالح العام و لخدمة ضحايا الحروب و الإضطهادات الفكرية والفنية و الدينية.

” إِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ أَبِي».مِنْ هذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ. فَقَالَ يَسُوعُ لِلاثْنَيْ عَشَرَ: «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا؟»فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ،” (يو 6 : 65 – 68)

ثم تشجع بطرس و قال: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». و كان رد يسوع سريعاً: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ وَالِدَيْنِ أَوْ إِخْوَةً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ اللهِ، إِلاَّ وَيَأْخُذُ فِي هذَا الزَّمَانِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ” (لو 18 / 30)