ها أنذا ارسلكم مثل الخراف بين الذئاب – الأب وليم سيدهم
شتان الفرق بين الخروف والذئب، فالذئب من طبيعته أن يهجم على الخروف فيأكله، أما الخروف فهو عاجز تمامًا عن الدفاع عن نفسه، وحينما يشبه يسوع المسيح الرسول بالخروف فإنه يعلم جيدًا أن هذا الرسول عاجز عن الدفاع عن نفسه مثله مثل الخروف أمام الذئب. إلا إذا تزود بقوة غير قوته.
ويتسائل الرسول عن فحوى أن يرسله الرب إلى التهلكة يرسله إلى الذئاب؟! إن خبرة البشر مع الحيوانات المفترسة خبرة تتباين بين النجاح والفشل، فالإنسان يملك من رجاحة العقل ما يجعله يتفوق على القوة الجسدية والغريزة الوحشية لدى الذئب.
ولكن مهلًا.. فإن يسوع يتحدث عن نموذج الراعي الصالح والراعي الطالح مشبهًا الأول بأنه يرعى خرافه ويحرسها من الذئاب، أما الراعي الصالح هو لا يدخل من الباب وإذا رأى الذئب مقبلًا يهرب ويترك الخراف وليمة طازجة للذئاب.
إن أخطر ما في هذا التكليف للرسول هو الإعلان الواضح والمتجلي، أن الرسول عليه ألا يظن أن العمل من أجل إعلان البشارة ليس مفروشًا بالورود بل هو قبول الرسول أن يعرض نفسه لمخاطر لا يستطيع أن ينجو منها إلا بمعونة الرب نفسه صاحب الرسالة.
ثم إذا إقتربنا أكثر من الإنجيل لكي نفهم الطابع المتوحش الذي يغلب على المجال الرسولي، فإننا سنكتشف الصراع الأزلي القائم بين يسوع والعالم، فالعالم مليء بالعنف والموت والصراعات، والبحث عن السلطة والجاه واللذة. ولذلك يطمئن يسوع رسله بقول: ” ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ».” (يو 16: 33).
يصلي يسوع لإخوته وأبناءه وبناته إلى الآن من أجلهم فيقول : “احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ.” (يو 17: 11).
ولأن محبة الله لا تستثني أحدًا من البشر، فإنه لا يريد أن يهلك أحد مهما كان ظروفه وصفاته، ويقول للذين إصطفاهم وكرسهم ليرسلهم إلى العالم، إن الوداعة التي على الرسول أن يتحلى بها أمام وحشية العالم هي أحد الأسلحة التي يزوده بها الرب لكي يقترب من أهل العالم ليبشرهم بقوة المسيح.
ونتذكر كلام القديس بولس لأهل كورنثوس: “وَأَنَا لَمَّا أَتَيْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَتَيْتُ لَيْسَ بِسُمُوِّ الْكَلاَمِ أَوِ الْحِكْمَةِ مُنَادِيًا لَكُمْ بِشَهَادَةِ اللهِ، لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئًا بَيْنَكُمْ إلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوبًا. وَأَنَا كُنْتُ عِنْدَكُمْ فِي ضَعْفٍ، وَخَوْفٍ، وَرِعْدَةٍ كَثِيرَةٍ. وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ” (كورنثوس الثانية 2: 1- 5)