“هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي” – الأب وليم سيدهم
إن الملائكة هم خدام الله و رمز لحضوره فى العالم، وحينما يخاطب الله اإنسان و يكلف أحد ملائكته للسير أمامه فهذا يعنى أن الله إصطفى هذا الإنسان وبسط عليه يده و رعايته من كل أخطار هذا العالم مهما عظمت و تجبرت.
فنجد الله يكلف ملاكاً ليرافق اسحق إلى أرض ما بين النهرين ليخطب زوجته. و يكلف ملاكاً لبشارة العذراء بميلاد السيد المسيح، و يتحدث عن ملائكة الله الصاعدين و النازلين فى حلم يعقوب أبو الآباء. فهم يصلون الأرض بالسماء و يقربون ما بعد بينهم لخدمة اصغيائه و اتقيائه.
و هكذا نجد الملائكة حاضرين فى كل تاريخ الخلاص من خلال الكتاب المقدس يعبرون عن حضور الله السرمدى فى حياة خليقته يعاونونه فى تجسيد جُلَّ محبته لخليقته و هلل الملائكة و رنموا وهم يخبرون الرعاة بمولد السيد المسيح فى بيت لحم. و أنشدوا »الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّة «
و حينما نتحدث عن الملاك الحارس فإننا نؤمن أن الله قيض لكل واحد منا ملاكاً يحرسه و يدافع عنه من المخاطر المرئية و غير المرئية، و في الضد نجد قصة تمرد بعض الملائكة على الله و تحولهم الى شياطين لهم القدرة على الضرر أحياناً. ولكن الله جل جلاله جعل مفتاح الحل في طرد هذه الشياطين فى يد الإنسان، فبحريته عليه أن يطرد هذه الشياطين و بحريته يفتح على نفسه باب جهنم. و إذا كانت خطية الشياطين الكبرى هى رفض طاعة الله نفسه و بالتالى تحولهم إلى أضداد لله فإن حضور الملائكة إلى جانب المؤمن هى علامة لطاعته للخالق و تسليمه بقدرته على حمايته من كل خطر يتهدده.
و كلمة السر هنا هى “الحرية” لقد أعتبر آباء الكنيسة الأوائل أ، معنى خلق الإنسان على صورة الله ومثاله هو تمتعه “بالحرية” كصفة مطلقة للخالق فقد خلق الإنسان مذوداً بالحرية و زوده بالعقل و القلب ليستطيع التمييز حين إتخاذ قراراته بحرية بين ماهو صالح و حقيقي لخلاصه و بين ما هو مدمر و هدام لكيانه.
”هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي” هو إعلان حقيقي و قوى للشعور بالحماية الربانية و دعوة إلى الثقة في خالق الكون و مبدعه.
إن تجاوبنا مع هذا الصوت السماوى هو عربون خلاصنا في كل الظروف و تجسيد لرجائنا في الحصول على حياة ملؤها النعمة و عنوانها التصديق لوعود الله الأمينة معنا.