« وأَنتُم شُهودٌ على هذه الأُمور » القدّيس أوغسطينُس
![](https://catholic-eg.com/wp-content/uploads/2021/04/القديس-أغسطينوس.jpg)
القدّيس أوغسطينُس (354 – 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة
العظة 116
« وأَنتُم شُهودٌ على هذه الأُمور »
بعد قيامته من بين الأموات، ظهر الربّ لرسله وألقى عليهم التحيّة قائلاً: “السَّلامُ علَيكُم!” (لو 24: 36). إنّه السَّلامُ حَقًّا، هذه التحيّة التي تنقذ، لأنّ التّحيّة بحدّ ذاتها تحمل في طيّاتها معنى السَّلام. ماذا يمكننا أن نرجو أكثر من ذلك؟ لقد تلقّى الإنسان تحيّةَ مَنْ هو السَّلامُ بذاته، إذ إنّ سلامَنَا هو الرّب يسوع. أجل، إنّه سلامنا، هو الذي أصيب بجروح من أجلنا وسُمِّر على الصليب ثمّ وُضِع في القبر. لكنّه قام من القبر وشُفِيت جراحه، إنّما لا يزال يحمل آثارها. كان من المفيد لرُسُله أن تبقى تلك الآثار لكي تشفى جراح قلوبهم. أيّة جراح؟ جراح شكوكهم. عندما ظهر أمام أعينهم بجسد حقيقي “أَخَذَهُمُ الفَزَعُ والخَوفُ وظَنُّوا أَنَّهم يَرَونَ رُوحًا” (لو 24: 37). ليس هذا جرحًا عابرًا في قلوبهم…
لكن ماذا قال الربّ يسوع؟ “ما بالُكم مُضطَرِبين، ولِمَ ثارَتِ الشُّكوكُ في قُلوبِكم؟” خيرٌ للإنسان ألاّ تطغى أفكاره على قلبه، بل أن يرتفع قلبه إلى حيث أحبَّ الرَّسول بولس أن تكون قلوب المؤمنين إذ قال لهم: “فأَمَّا وقد قُمتُم مع المسيح، فاسعَوا إلى الأُمورِ الَّتي في العُلى حَيثُ المسيحُ قد جَلَسَ عن يَمينِ الله. اِرغَبوا في الأُمورِ الَّتي في العُلى، لا في الأُمورِ الَّتي في الأَرض، لأَنَّكم قد مُتُّم وحَياتُكم مُحتَجِبةٌ معَ المسيحِ في الله. فإِذا ظَهَرَ المسيحُ الَّذي هو حَياتُكم، تَظَهَرونَ أَنتُم أَيضًا عِندَئِذٍ معَه في المَجْد.” (كول 3: 1-4). وما هو هذا المجد؟ إنّه مجد القيامة…
أمّا نحن، فإنّنا نؤمن بكلام رُسُله دون أن نرى جسد المخلّص القائم من الموت. لكن في ذلك الوقت، بَدَا هذا الحدث مُستحيلاً. إذًا، فقد ساعدهم المخلِّص على الإيمان به، ليس بالرؤية فقط بل باللمس أيضًا، ليحلّ الإيمان في قلوبهم عبر الأحاسيس وليبشّروا به في العالم أجمع إلى أولئك الذين لم يروا ولم يلمسوا، لكنّهم يؤمنون من دون تردّد (راجع يو20: 29).