stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

وإن كانت يدك اليمنى سبب عثرة – الأب وليم سيدهم

474views

يدعو القديس متى المؤمن أن يتحرر من كل ما يسبب له عثرة في حياته، والعثرة تعني في هذا السياق هي تجاوز المسموح والوقوع في الخطأ، ونتأمل كيف تسببت يد الإنسان في عثرة الانسان، لاشك أن يد الانسان عضو هام لحياته اليومية فهو يطبخ بيده ويأكل بيده ويرشم الصليب بيده ويسوق السيارة بيده ويركب الدراجة بيده ويبني بيته بيده ولكن أيضًا يصفع قريبه بيده ويقتل قريبه بيده ويقدم الورد لمحبوبته بيده… الخ

فعلى غرار الأعضاء الأخرى في جسم الانسان مثل “اللسان” الذي منه تخرج البركة واللعنة … الخ أو العين التي يمكن أن تتسبب بالزنى في القلب، ولكن هل اليد تتحرك من نفسها لكي تمارس الأفعال الجيدة والأفعال الرديئة، طبعا لأ. إنما اليد تنفذ ما تقرره إرادة الإنسان وما سمح به العقل وبالتالي التخلص من اليد هي طريقة من طرق التخلص من خطايا اليد وحرمان الارادة وحرية الاختيار من الوقوع في فخ التجربة.

ولنتذكر هنا أن أهم القضايا التي فرقت بين المسلمين والمسيحيين في عصر سيادة الحركات الجهادية في مصر والبلدان العربية والاسلامية هو تطبيق الشريعة وحد الردة وما ادّعوا به من قطع يد السارق ورجم الزاني … الخ.

وهذه الفتاوى منصوص بها في الكتب المقدسة عند اخوتنا المسلمين، ويختلف الفقهاء المسلمين في تفسير هذه الآيات ومدى ملائمتها لواقعنا اليوم.

في هذا السياق، ينمو الانجيل إلى تحميل كل مؤمن مسئولية أن يقتلع من ذاته كل أدوات الشر والغواية، إذن لا يوجد ما يُسمى بعلماء الدين الذين يأمرون بتطبيق الحد، بل على المؤمن بذاته أن يفعل ذلك إذا رأى ضرورة الالتزام بوصايا الله. هذه الدعوة لشفاء الذات من الميل إلى ممارسة الرذيلة.

ورغم أن الجماعة المسيحية الأولى عاشت وتغذت على هذه التعاليم، إلا أننا لا نجد لهذا التطبيق الحرفي والجذري لقطع اليد أو التخلص من اى عضو.

ولكن نتذكر التقليد الذي يتحدث عن سمعان الخراز وكيف خلع عينيه تطبيقًا لهذا المبدأ، كما أن العلامة أوريجانوس خصى نفسه ليتخلص من الخطايا الجنسية، ولكن أشهر من طبق الكلام حرفيًا، وفي هذه المرة جرّد نفسه من لذة الغنى ولذة الزواج، بل ترك العالم بما فيه وذهب إلى الصحراء في القرن الرابع الميلادي هو القديس أنطونيوس الكبير الذي سمع الآية قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلًا فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي».” (مت 19: 21) وهكذا أسس انطونيوس نظام الرهبنة الذي انتشر في مصر وفي العالم كله.

وجدير بالقول أن العثرة هنا تكمن داخلنا وليس خارجنا، فنحن مدعوون لكي نرصد العلاقة بين رغباتنا القلبية وبين اعضائنا التي تنفذ هذه الرغبات، ونرى متى وأين وكيف نمد اليد لنرتكب المعصية، ومتى تتلذذ الآذان بالصغاء إلى ما تعتبره معصية، وهكذا دواليك.

ويذكرنا القديس بولس بالتعاون بين اعضاء جسدنا كما يشبه الكنيسة بالجسد فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ.” (1 كو 12: 26)،      يارب اجعلنا نبارك بيدنا ونبني ولا نهدم بإيدينا، وزودنا بقوة روحك القدوس لتتقدس كل اعضاء جسدنا لمجد اسمك.