وحدها قوة الله بإمكانها أن تُخلِّصنا وتشفينا
“علينا أن نتيقّن أننا ضعفاء وخطأة وأنّ قوة الله وحدها بإمكانها أن تُخلِّص وتشفي” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.
قال البابا لا يمكن لأحد أن يخلِّص نفسه بنفسه نحن بحاجة لقوّة الله لكي نخلُص. استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدّمها لنا الليتورجيّة اليوم من رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس والتي يتحدَّث فيها بولس الرسول عن سرّ المسيح الذي “نَحمِلُهُ في آنِيَةٍ مِن خَزَف” ويحثُّنا كي نتيقَّن أننا ضعفاء وخطأة ويذكّرنا أننا بدون قوة الله لا يمكننا أن نسير قدمًا. هذا الكنز، شرح الحبر الأعظم، نحمله في ضعفنا: نحن من خزف ولكنّ قوّة الله التي تخلِّص وتشفي هي التي تجعلنا نقف.
أضاف الأب الأقدس يقول جميعنا ضعفاء وبحاجة للشفاء، وهذا ما يقوله القديس بولس: “يُضَيَّقُ عَلَينا مِن كُلِّ جِهَةٍ… نَقَعُ في المآزِقِ… نُطارَدُ… ونُصرَعُ”؛ وهذه الأمور كلّها هي إظهار لضعفنا، وأحد أصعب الأمور في حياتنا هو الاعتراف بالضعف، غالبًا ما نسعى لإخفائه أو التستُّر عليه… لكن يقول القديس بولس في بداية الفصل الرابع من رسالته الثانية إلى أهل قورنتس: “أَمَّا وقَد أُعَطِينا تِلكَ الخِدمَةَ رَحمَةً، فلا تَفْتُرُ هِمَّتُنا، بل نَرُفضُ الأَساليبَ الخَفِيَّةَ الشَّائنة” لأنَّ الأساليب الخفيّة هي شائنة على الدوام وهي نوع من الرياء. وبالإضافة إلى الرياء تجاه الآخرين هناك أيضًا الرياء تجاه أنفسنا أي عندما نوهم أنفسنا أننا غير ما نحن عليه معتبرين أننا لسنا بحاجة للشفاء والمساعدة ونعتبر أننا لسنا “آنِيَة مِن خَزَف” بل نملك كنزًا خاصًا بنا.
تابع الحبر الأعظم يقول هذه هي الدرب التي تقود نحو الكبرياء والمرجعيّة الذاتيّة للأشخاص الذين لا يشعرون أنّهم “آنِيَة مِن خَزَف” ويبحثون عن خلاصهم في ملء ذواتهم. لكن قوّة الله هي التي تخلِّصنا ولذلك يقول بولس “يُضَيَّقُ عَلَينا مِن كُلِّ جِهَةٍ وَلا نُحَطَّم. نَقَعُ في المآزِقِ وَلا نَعجِزُ عَنِ الخُروجِ مِنها. نُطارَدُ وَلا نُدرَك، نُصرَعُ وَلا نَهلِك”. بأسلوبه هذا في التفكير والتبشير بكلمة الله يحملنا بولس الرسول إلى حوار بين الكنز الذي نحمله وآنية الخزف التي نحن عليها، إنّه حوار ينبغي علينا أن نقوم به على الدوام لنكون صادقين مع أنفسنا. وأشار البابا في هذا الإطار إلى سرّ الاعتراف عندما يكون مجرّد تعدادٌ للخطايا كما ولو أنها لائحة أغراض نريد شراءها من السوق معتبرين أننا بهذه الطريقة قد أرحنا ضميرنا فيما ينبغي علينا فعلاً أن نقبل الضعف، بالرغم من صعوبة هذا الأمر، وهنا يدخل أيضًا دور الخجل.
فالخجل، أضاف البابا فرنسيس يقول، يوسِّع القلب لكي تدخل إليه قوّة الله. إنّه خجل “آنِيَة الخَزَف”، وإن تمكنا من عيشه سنكون سعداء، إنّه الحوار بين قوّة الله وآنية الخزف التي نحن عليها تمامًا كما حصل مع يسوع وبطرس في ليلة العشاء الأخير عندما اقترب يسوع من بطرس ليغسل رجليه، قال له بطرس: ” أَأَنتَ، يا ربُّ، تَغسِلُ قَدَمَيَّ؟… لن تَغسِلَ قَدَمَيَّ أَبَداً”، عندها لم يكن بطرس قد فهم بعد أنّه “آنية من خزف” وأنّه يحتاج لقوّة الرب ليخلص.
وختم البابا عظته بالقول إنّ الأمر إذًا يتعلّق بالسخاء في الاعتراف بضعفنا، إذ فقط عندما نقبل أننا مجرّد آنية من خزف عندها ستأتي إلينا قوّة الله العظيمة وتمنحنا الملأ والخلاص والفرح وننال عندها الكنز الذي يمنحه الرب!
الفاتيكان