يارب إلى السماء محبتك – الأب وليم سيدهم
يارب إلى السماء محبتك
نعم إن حب الله إذا أردنا أن نقيس حجمه وندرك عمقه وطوله وعرضه، علينا أن نصرخ مع المرنم ”يارب إلى السماء محبتك .. والى الغيوم أمانتك” نتخيل عدد الكيلو مترات التى تفصلنا عن النجوم والكواكب في السماء، هكذا فإن حب الله لنا ولكل واحد منا يتجاوز حجمه حجم المسافة بين الأرض والسماء.
معنى ذلك أننا نعوم في لُجة الحُب الذي يحيطنا به الله جل جلاله، حين نختبر مع المرنم قوة وعمق ومعنى أن نكون مغمورين من فوق ومن تحت بحب الله فإننا لن نشتكى من تجاهل الله لنا، ولن نعبر عن غياب الله عن وجودنا، ولن نحزن لأننا لم نصل بعد إلى الطريقة المناسبة لندخل في علاقة حميمية مع الله.
وحتى نكون واقعيين نتسائل بماذا نترجم هذا الحب العظيم؟ وما هى ادوات العطايا؟ ومتى يغدقها علينا الرب بين الأرض والسماء؟ أليست الشمس هى أولى العطايا؟ فبدونها سنتجمد، وبدونها لن نرى ما حولنا، وبدونها لن نستمتع بسطوعها، ولن نترقب بزوغها كل يوم صباحًا، ولن نتهلل لمنظر غروبها مساءًا، والنجوم والقمر، الهواء، الماء، الطيور، الحيوانات الأليفة وغير الأليفة، الشجر والنباتات، الغلاف الجوى الذي يحمينا من النيازك والصواعق وغضب الطبيعة.
نعم، إن محبة الله نرضعها في كل شهيق وزفير، ونشعر بها في كل أجهزة جسمنا من جهاز التنفس والجهاز الهضمي …. الخ.
وإذا كان المرنم في مواضع أخرى ينشد ويقول: ”اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ.” (مز 19: 1) ويضيف المرنم ” الى الغيوم أمانتك” إن أمانة الله تجلت في التاريخ ومازالت ترافقنا أيضًا. والأمانة مقرونة بالحُب على فم المرنم فالشمس لا تغيب عن مواعيد بزوغها و غروبها، وتتحرك بإنضباط شديد للغاية وكل الكائنات تحمل في طياتها برامج دقيقة مهما تنوعت تحدث بعظمة الخالق.
أن يكون الله أمينًا بحجم المسافة بين الأرض والغيوم معناه أننا لا يمكن أن نشك في مواعيد الله وفي فيض محبته لنا في كل وقت وفي كل ساعة.
إن الذي يشك في أمانة الله غالبًا لم يختبر في حياته هذه الأمانة التي تتجلى في رضى المؤمن والسلام الباطنى الذي يغمره بسبب “أمانة الله معه” فهو يعطيه ما يحتاج وغالبًا دون أن يسأل لأن الله يعلم إحتياجاتنا يكفي أن نرى أمانة الله في تاريخ الخلاص فهو وعد ابراهيم بأن يكون أمة كبيرة وفعلًا حدث، ووعد التلاميذ بأن يكون معهم إلى منتهى الدهر وهذه حقيقة تتجسد كل يوم في المؤمنين به، ووعدنا بالحياة الأبدية وغفران الخطايا.
ونحن نثق ونصدق. نعم يارب، إلى السماء محبتك وإلى الغيوم أمانتك.