” من رآني رأى الآب ” ( يوحنا ١٤ : ٩ )
يوم عرف التلاميذ يسوع ، عرفوه إنساناً يُشبههم ، رأوا فيه صورة الله الآب كما يرونها في اي إنسان على وحه الأرض .
ولكن ماذا جرى بعد القيامة ؟
ماذا رأوا في يسوع ؟
من هو بنظرهم ؟
فلنقرأ ما يقول صاحب الرسالة إلى العبرانيين : ” هو شعاع مجده وصورة جوهره ، يحفظ كل شيء بقوة كلمته وبعدما قام بالتطهير من الخطايا ، جلس عن يمين الساكن في العُلى ” ( عبرانيين ١ : ٢ ) .
ذاك الذي طهَر من الخطايا هو صورة الله وهو شعاع مجده . هو الذي يعكس نور مجد الآب ويبيّن حقيقته .
إن الله كلّم بكثير من الوسائل وبتنوع الأشخاص الإنسان . ولكنه لم يُعرف حقيقةً إلاّ بابنه الذي جعله وارثاً لكل شيء . وبهذا الابن خلق كل شيء . إنه حكمته التي يتكلّم عنها العهد القديم في سفر الحكمة : ” فإنها ( الحكمة ) نفحة من قدرة الله وانبعاث خالص من مجده القدير . فلذلك لا يتسرّب إليها شيء نجس لإنها انعكاس للنور الأزلي ومرآة صافية لعمل الله ، وصورة لصلاحه ” ( سفر احكمة ٧ : ٢٥ – ٢٦ ) .
يسوع هو حكمة الله التي تُظهر أعماله وحقيقته . من هنا كلام يسوع على أنه والله واحد وعلى أنّ من عرفه عرف الآب :
” قال يسوع : انيّ معكم منذ زمن طويل ، أفلا تعرفني يا فيليبس ؟ من رأني راى الآب . فكيف تقول : ارِنا الآب ؟ ” ( يوحنا ١٤ : ٩ ).
بالحقيقة لا يستطيع أحد أن يعرف الآب إلاّ من اراد الإبن أن يكشف له . لأن الآب لم يراه أحد قط ، الابن الوحيد ، الذي في حضن الآب ، هو أخبر عنه ( يوحنا ١ : ١٨ ) .
فالذي
يدعونا لنكون كاملين على صورة أبينا السماوي ، هو كل الكمال كما ورد في رسالة القديس بولس إلى أهل قولوسي : ” لقد حسن دى الله أن يُحلّ به الكمال كلّه ( قولوسي ١ : ١٩ ) . هو صورة الله الكاملة .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك