يوحنا الحبيب تحت الصليب – الأب وليم سيدهم
يوحنا الحبيب تحت الصليب
لم يفارق القديس يوحنا الحبيب يسوع طوال حياته العلنية، كان يوحنا ويعقوب وبطرس الثلاثي المتميز الذي رافق يسوع في أهم وأصعب اللحظات. كان يوحنا بن زبدى صيادًا مثل بطرس ولقد تقدمت والدته يومًا إلى يسوع تطلب منه أن يضع يوحنا وأخوه يعقوب واحدًا عن يمينه وواحد على يساره في مجده.
هذا المجد الذي كان ملتحفًا بالصورة التقليدية لجبروت الملك داود هو المقصود على ما يبدو من أم يوحنا مثل بقية معاصريها. ولكن الواقع أقوى من الأحلام ها هو اليوم يوحنا الحبيب ابن زبدي واقفًا تحت الصليب وحده من التلاميذ الاثنى عشر ، مريم أم يسوع فقط واقفة معه تحت الصليب، ولأن مريم كانت تحفظ كل شيء تسمعه أو تراه في قلبها فلابد أنها تذكرت كلام سمعان الشيخ يوم ظهور يسوع ” وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ، وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: «هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ. وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ». (لوقا 2: 34 – 35).
ها هى الأوهام والاحلام تتبدد والنبؤات تتحقق. لقد كان يوحنا ينافس بطرس في قربه من يسوع لدرجة أن بطرس بعد القيامة في أحد المشاهد يسأل يسوع عن مصير يوحنا فيرد عليه يسوع بما معناه “خليك في حالك” .
بعض المفسرين للكتاب المقدس يعتقدون أن يوحنا الحبيب كان قريب الصلة بأحد رؤساء الكهنة مما سمح له بالتواجد تحت الصليب دونًا عن بقية الرسل. وعاش الآلام والعذاب مع معلمه يسوع.
لقد كان يوحنا تحت الصليب يمثل البشرية كلها وليس التلاميذ فقط لذا نرى يسوع يشير له من على الصليب «هُوَذَا أُمُّكَ». ثم قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ».(يوحنا 19 :26)، فتولد الكنيسة من أعلى الصليب من اسبوع الآلام لمخلصنا الصالح تولد الكنيسة المتألمة مع مؤسسها ومخلصها وسبب شرعيتها من حضن الألم لتكون هذه الوصية آخر ما ينطق به يسوع قبل أن يُسلم الروح إلى الآب.
ومن حزن الجمعة العظيمة ينبلج نور القيامة بعدها بثلاثة أيام فتهتز أورشليم وتتبدل الأحوال فالذين كانوا سلاطين الجمعة العظيمة ينزلون من على كراسيهم “أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ.” (لو 1: 52) ويتجرعون كأس الهوان أما المتضعين من الرسل والفقراء والخطأة فيتبوؤن مشاهد القيامة المجيدة، حيث الجماعة المسيحية الأولى التى تبدأ عهدًا جديدًا للبشرية جمعاء “فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.” (مت 28: 19) عهد الحب والمصالحة والخلاص.