stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

كتابات القراء

يوحنَّا المعمدان… عظيمٌ- عظة الأحد الرّابع من كيهك

3.2kviews

يوحنَّا المعمدان… عظيمٌ- عظة الأحد الرّابع من كيهك

(لو1: 57-80)

 إكليريكي جوزيف منير

battista

•        مُقدّمة:

– كلُّ عامٍ وأنتم بخيرٍ بمناسبة عيد الميلاد/التجسّد الأسبوع القادم، فاليوم هو الأحد الرّابع من شهر كيهك؛ وفي هذا اليوم نتأمل ولادة يوحنَّا المعمدان.  

– لـــ يوحنَّا بن زكريا أسماءٌ عديدة منها: المعمدان، السّابق، الصابغ، الشّهيد، صديق العريس…الخ. اختارته اللّجنة الأسقفيَّة للدّعوات هذا العام أن يكون شخصية أسبوع الدّعوات كمثال جلّيٍّ للدّعوة المسيحيَّة، تحتفل كنيستنا بعيد ميلاده في 30 بؤونه، وعيد استشهاده في 2 توت. – إنَّ يوحنَّا هو النّبي الوسيط/الكوبري بين ع.ق وع.ج، بين معموديَّة الماء ومعموديَّة النّار والرّوح. فهو بمثابة البوابة الّتي دخل منها اليهود إلى المسيحيَّة… فكما تُعتبر المعموديَّة بوابة الأسرار للدّخول في المسيحيَّة، هكذا المعمدان بوابة الالتحاق/معرفة يسوع.

– نتأمل اليوم عن عظمة يوحنَّا المعمدان أو يوحنَّا العظيم، فالذّي أطلق عليه هذا اللّقب هو الملاك في بشرى ميلاده قائلاً: ” لأنَّه يكون عظيمًا أمام الرّبِّ…” (لو1: 15)، كذلك يسوع عندما قال: ” الحقَّ أقول لكم لم يقم بين المولودين من النّساء أعظم من يوحنَّا المعمدان. ولكنَّ الأصغر في ملكوت السّموات أعظم منه” (مت11:11). وتكمن عظمة المعمدان في مولده، رسالته، استشهاده.

1- يوحنَّا… عظيمٌ في مولده:

– يوحنَّا ابن الصمت؛ حيثُ جاءت البشارة به بعلامة صمت والده زكريا حتّى ميعاد ولادته: ” ها أنتَ تكون صامتًا…” (لو1: 20).

– يوحنَّا ابن الخفاء: “… حبلت إليصابات… وأخفت نفسها خمسة أشهر” (لو1: 24).  – يوحنَّا ابن المجد والكرامة: ” هكذا قد فعل بي الرّبُّ في الأيّام الّتي فيها نظر إليَّ لينزع عاري بين النّاس”     (لو1: 25).  

– يوحنَّا ابن الرّؤيا/ابن الوعد/ابن البَخور. – تنبؤ الملاك عن يوحنَّا (لو1: 14-17) بأنَّه سيكون: سبب مسّرة وابتهاج للجميع. عظيمًا أمام الرّبِّ. لا يشرب خمرًا ولا مسكرًا. ممتلئ من الرّوح القدس مهيىء الشّعب للرّبِّ

– كما نجد في مدائح رفع بخور كيهك الأحد الثّالث هذا التشبيه:               

رقص داود قدام تابوت العهد                 

وهو محمولٌ على الدّواب رقص يوحنَّا قدام ربّ الصباؤوت                 

وهو في بطن أمه وفي حضن الآب

– يوحنَّا السّابق للمسيح: لقد عنّي الله بيوحنَّا وهيأ له الظّروف ليكون سابقًا ومُعدًّا للمسيح، من خلال جميع الظّروف الّتي نشأ فيها… نحن اليوم كذلك سابقين ليسوع أينما ذهبنا، حيثُ نُحضر يسوع للنّاس في زياراتنا، في علاقتنا معهم، مثلما فعلت مريم عندما دخلت بيت زكريا، أحضرت يسوع الذّي ابتهج يوحنَّا به في بطن أمه. – يوحنَّا الممهد للمسيح: يُقصد بفكرة الإعداد/التهيئة المرافقة: “… دعا الذّين أرادهم… ليكونوا معه وليرسلهم ليكرزوا” (مر3: 13-14) أي التلمذة والحياة مع يسوع والدّخول في اختبار حقيقيّ معه، فلا نفع للإرسال بدون الرّفقة أو الاختبار الحقيقي، لذا نجد يسوع أحيانًا يمنع أشخاصًا من التبشير عنه، لأنَّهم لم يختبروه حقيقيةً. 

– ثوبنا الإكليريكيّ علامةً على تكريسنا الكامل ليسوع، علامة حضوره فينا وللآخرين، فنحن نستطيع أن نعلن حضور بتفاعلنا البسيط وإيجابياتنا وابتسامتنا وتقديم أبسط الأشياء للآخرين بدون ظهور أو مقابل. 

 2- يوحنَّا… عظيمٌ في رسالته (تعاليمه/بشارته):

– يوحنَّا عظيمٌ في تبتله؛ لا يشرب خمرًا ولا مسكرًا، قاسي في معيشته حيثُ يأكل الجراد وعسل النّحل. – يوحنَّا عظيمٌ في تجرّده؛ فهو زاهدٌ في السّلطة وأمجاد الدّنيا الفانية: ” ماذا خرجتم إلى البرّيّة لتنظروا… أإنسانًا لابسًا ثيابًا ناعمةً. هوذا الذّين يلبسون الثّياب النّاعمة هم في بيوت الملوك… أنبيًّا. نعم أقول لكم وأفضل من نبيٍّ” (مت10: 7-9)، زاهدٌ بنفسه مُنكرًا إيَّاها، فنجده يدعو تلاميذه لتركه وإتّباع يسوع: “… هوذا حمل الله” (يو1: 36)، فهو يُعدّ كلَّ شيءٍ ليسوع دون شيئًا لنفسه: ” ينبغي أنَّ ذلك يزيد وأنَّي أنا أنقص” (يو3: 30)، كما يقول أيضًا: “… لا يقدر إنسانٌ أن يأخذ شيئًا إنْ لم يكن قد أُعطي من السّماء”   (يو3: 27). – يوحنَّا إنسانٌ عظيمٌ قوّيٌّ، لا يهاب إنسانًا، صاحب رسالة لجميع فئات شعبه، فهو ينصح ويُوبّخ وينتقد الوضع الذّي يعيشه فمثلاً:

         الجنود: عدم الظّلم والوشاية، والقناعة بما هم فيه.

         جُباة الضرائب: عدم الظّلم والجشع.

         الشّعب اليهوديّ: العطاء والمشاركة ومُقاسمة الخيرات. – يوحنَّا هو مَنْ يُمثّل الصوت النّبوي للكنيسة؛ حيثُ يُعلن التوبة دائمًا للشّعب، فهو “… صوتٌ صارخٌ في البرّيَّة أعدُّوا طريق الرّبِّ اصنعوا سبله مُستقيمةً” (لو3: 4). 

إكليريكي جوزيف منير

– نحتاج اليوم في مجتمعنا المصري إلى معمدان ثانٍ/آخر يُندد بالأوضاع الخاطئة ويُنادي بــــــ:

        قبول الآخر المختلف في الدّين… المختلف في الطائفة… المختلف في الفكر… المختلف في النّوع.

        تعاليم المسيحيَّة وإعلانها ليس بالحكمة الصامتة والتواري عن الشّرِّ، بل بكلمة الحقِّ والشّجاعة، على مثال الطوباوي يوحنَّا بولُس الثّاني الذّي قال في عظة الميلاد عام 1970م عندما قال عمال بولندا باضطرابات فأطلقت الحكومة عليهم الرّصاص: ” عندما تُصاب الجموع ويقاسي الشّعب فإنَّ الكنيسة تهبّ لمساعدتهم بسبب الحبِّ المسيحيِّ والتضامن المسيحيِّ فقط… دون أي باعث سياسي… بالحقِّ في الحُرّيَّة… دون قيد ودون تهديد…”.  – يوحنَّا عظيمٌ في تحقيقه لمشيئة الله وإرادته ورسالته، فهو وسيلة الله الّتي تشارك في خلاص النّفوس؛ وذلك بدعوتهم للتوبة، وحمل خطاياهم.        

  – حمل خطايا الشّعب: لقد حمل يسوع خطايا جميع البشر على الصليب، وقدّم لهم الخلاص الذّي ينتظر دورهم في قبوله… نحن اليوم الكهنة نحمل ليس خطايا الشّخصيَّة فقط، بل خطايا شعبنا أيضًا… خطايا مَنْ هم في مسئوليتنا… خطايا مَنْ نتعامل معهم. هذا يدفعنا إلى تقديس أنفسنا: ” ولأجلهم أقدّس أنا ذاتي” (يو17: 19). – نحن نحمل خطايا الآخرين من خلال: إصغائنا إليهم، قبول اعترافهم، القيام بمسيرةٍ روحيَّةٍ معهم، بالصلاة والصوم من أجلهم، بأن يكونوا موضع تفكيري واهتمامي الدّائم لتقديسهم في الرّبِّ.   

  3- يوحنَّا… عظيمٌ في استشهاده:

– واجه يوحنَّا بكلِّ قوة هيرودس مُعلنًا الحقَّ قائلاً له: ” لا يحلُّ لك أن تكون لكَ” (مت14: 4) حيثُ يقصد زواجه من هيروديا امرأة فيلبس أخيه، وكانت النّتيجة رأسه على طبقٍ “شهيد كلمة الحقّ”. – لقد أعلن يوحنَّا الحقَّ أمام الجميع بلا خوفٍ، مُتحملاً النّتائج، مُقدّما ذاته للرّبِّ. ومَنْ ينطق بكلمة الحقِّ يحمل بداخله تكوين روحي قوي ناضج، كما يحمل نضج إنساني وروحي كبير، وحُرّيَّة داخليَّة. كما نجد في تاريخ الكنيسة ق أثناسيوس الرّسوليّ الذّي تعرّض للنّفي 5 مرات، والقول الشّهير عنه: ” العالم كلّه ضدك… أنا ضد العالم”.   

 – نحن اليوم شهود الكلمة لا نعلنها فقط، بل نبشّر بها، نعيشها، نؤمن بها، مستعدين للموت في سبيلها… فدعونا اليوم نرسخ ونبني تكريسنا على الكلمة “يسوع” ليكون حقًّا هو الكلمة الّتي نتفوه بها ونعيشها، ونكون نحن شهود يسوع.   ملحوظة: إنَّ كلام سمعان الشّيخ إلى مريم ينطبق أيضًا على المعمدان: ” ها إنَّ هذا قد وُضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل ولعلامةٍ تُقاوم” (لو2: 34)، فيوحنَّا علامة مُخالفة/مُقاومة:

        في مولده: أنقذ أمّه من عار العقم، وأنعم عليها ببركة الرّبِّ من خلال النّسل.

        في رسالته: في مُقاومة الظّلم ودعوة النّاس للتوبة.

        في استشهاده: مقاومته لتصرف هيرودس.  

كيف أكون معمدان اليوم ؟

– أن أكون مُعدًا وممهدًا للمسيح في حياتي وحياة الآخرين.

– أن تكون خدمتي قوّيَّة عظيمة بروح إيليا والمعمدان.

– أن أكون صوتًا صارخًا ضد الخطيئة لي وللآخرين.

– أن أكون حاملاً خطايا الآخرين داعيًا إيَّاهم للتوبة.

– أن أكون مستعدًا دائمًا لتقديم حياتي في سبيل الحقِّ.

لإلهنا كلّ كرامة ومجد من الآن وإلى الأبد. آمين                                                     

عظة الأحد الرّابع من كيهك