) لما كان إسرائيل غلامآ أحببتة ) الأب وليم سيدهم
) لما كان إسرائيل غلامآ أحببتة )
صور النبي هوشع علاقة الله بالشعب المختار كعلاقة الزوج بزوجته وتتناثر هذه الصورة في مجمل الكتاب المقدس, ففي العهد الجديد يتحدث القديس بولس عن الكنيسة بصفتها عروس المسيح ولا شك أن حب الزوج لزوجته والعكس هي أرقي العلاقات الحميمية في الخبرة البشرية, فالله هو الذي بارك هذه العلاقة وطلب من الزوج أن يترك أبيه وأمه ويلتصق بزوجته ليصيران جسدًا واحدًا.
وفي سفر هوشع يصور لنا كيف إن إسرائيل إنفصلت عن الله وأصبحت مشاعًا لكل الألهه الوثنية كما تفعل المرأة حين تخون زوجها , وعلي الرغم من ذلك فإن الله متمسك بها كما تمسك الزوج الصالح بزوجتة الخائنة لذلك يأمر الله النبي هوشع بأن يتزوج إمرأة ساقطة إمعانًا في رمزية حب الله الذي لا ………… مع شعب إسرائيل الزاني ”كُلَّ مَا دَعَوْهُمْ ذَهَبُوا مِنْ أَمَامِهِمْ يَذْبَحُونَ لِلْبَعْلِيمِ، وَيُبَخِّرُونَ لِلتَّمَاثِيلِ الْمَنْحُوتَةِ. وَأَنَا دَرَّجْتُ أَفْرَايِمَ مُمْسِكًا إِيَّاهُمْ بِأَذْرُعِهِمْ، فَلَمْ يَعْرِفُوا أَنِّي شَفَيْتُهُمْ.” (هوشع 11: 2-3).
يعاتب الله علي لسان هوشع هذا الشعب المتمرد المارق لانه ” يهرب من وجهه ” طبعًا إلي الألهه الوثنيه وأنا الذي علمهم المشي وحملتهم علي ذراعي, ويكمل عتابه للشعب الإسرائيلي مذكرًا إياهم هذه المرة بتاريخ العلاقة بينهم وبين الله ويستخدم هنا صورة الطفل. ويحدد هنا هوشع عبور البحر الأحمر بصفتها مرحلة الطفولة للشعب المشعب المختار.
هكذا يعبر الله الحنون الرحوم عن حبه المطلق لإسرائيل ويذكرة بأيام طفولته وشبابه حينما حررة من عبودية المصريين بيد جبارة وذراع قوية وضعته علي طريق الوصول إلي الأرض التي تضر لبنًا وعسلًا.
إن طفولتنا وشبابنا اختبرنا فيها رعاية الله لنا وحبه المتدفق والمستمر لنا, إلا إننا نسقط مرات ومرات ضحية الضغوط الأتية من كل جانب, تعرض علينا ملازات وسعادة حتي وإن كانت عابرة إلا إنها تنزع منا أحيانًا كثيرة إرتباطنا بالله بحجج مختلفة.
إن سفر هوشع الذي كتب في حوالي ( 756 ق.م ) يذكرنا بحقيقة الخالق العاشق بخليقته. فمهما غضب او عاتب أو نهر الإنسان فإنه لا يفرط في محبه هذا الإنسان , وخطيئة الزنا التي يتحدث عنا هوشع هنا المقصود بها رفض الله ( الزوج الحنون ) إلي المنتهي والإلتصاق بالأصنام والألهه الوثنية بإعتبارهم الزوجات المرقات الزانيات التي ألتصق بهم الشعب اليهودي ( الزوجة الخائنة ) مفضلًا إياهم علي الزوج العاشق الحقيقي للشعب المختار.
إن خبرة الحب والزواج يعتبرها الكتاب المقدس أسمي وأرقي انواع الحب في خبراتنا الانسانية لذلك يتخذ الله هذه العلاقة ليبرهن علي اواصر الحب والأرتباط بينه وبين الشعب الذي اختاره ليكون شريكآ له في خلاص البشرية, فمن من الأباء والأمهات يستطيع ان ينفي العلاقة التي أثمرت طفلًا او طفلة إلي الحياة ومن ثم مهما كثرت خطايا وسقاطات الاب والابن في خبرتنا اليومية لن نستطيع ان نتنصل عن إنكار العلاقة التي تربطنا به فهو ثمرة الحب الذي تعهد الأب والأم ان يصوناه ويحافظا عليه.
وفيما نتذكر حياتنا الماضية او الحاضرة ونرصد عبر الموجات التي أمسكنا أنفسنا متلبسين فيها بخيانه الله والبعد عنه والإمعان في خيانتة سنجدها لا تحصي ولا تعد.
وحينما نعود إلي رشدنا ونفحص ضميرنا لا يمكننا إلا ان نركع ونسجد لله علي مراحمه ومغفرته لنا وهذا الذي يشرق شمسه علي الأشرار والأبرار فلم نري يومًا الشمس امتنعت عن إعطاء ضوئها وحرارتها ودفئها لأحد مهما كان بعيدآ عن الله.
إن الله يحبنا اكثر مما تحبنا امهتنا :” إن نسيت الأم رضيعها فلن أنساكم ”