”طوبى للرجل الذى لم يسلك في مشورة المنافقين” – الأب وليم سيدهم
إننا نعيش في عصر ووسط ضاعت فيه معالم الصدق والنزاهة في المكتب أو في المتجر أو في الكنيسة أو في الجامع، لم نعد نرى في الناس إلا وجوهًا كساها النفاق ولبست أقنعة المؤمنين والصادقين والأسخياء، تسقط الأقنعة فور الدخول في حديث مع مثل هؤلاء البشر.
نعيش في بحر من المشاعر السلبية والطاقات السلبية والإحساس بالإختناق بين هؤلاء البشر، من هنا جاءت صرخة المرنم “طوبى لمن لا يسير على مشورة الشريرين ولا يتوقف في طريق الخاطئين ولا يجلس في مجلس الساخرين”(مز 1 :1)
إنه وقت الاعتزال عن العالم وقت التقاط الانفاس بعيدًا عن تلوث الأجواء من حولنا، لقد سئمنا التجمعات البشرية المزيفة والمصطنعة والبائسة، انتشر الإنحلال الخلقي والتدني الإخلاقي وإختلط الحابل بالنابل. لم يعُد لى مكان آمن مطمئن طيب. لذا علىَّ أن ابحث عن مكان آخر عن صحبة جديدة عن مُناخ صحي “بل في شريعة الرب هواه وبشريعته يتمتم نهاره وليله. فيكون كالشجرة المغروسة على مجاري المياه تؤتي ثمرها في أوانه وورقها لا يذبل أبدا. فكل ما يصنعه ينجح”(مز 1 : 2-3) ، هذا أفضل.
وهل هناك أفضل وأطيب وأبرك من المياه؟ الحياة تنبت في الصحراء بسبب نقطة الماء. البساتين تعج بالخضرة وبالحياة، النظافة، الشرب، الشاى، القهوة. يدخل الماء في معظم مناحي حياتنا وبدون المياه لا حياة وفي البدء كان روح الله يرفرف على وجه المياه.
هكذا يكون الرجل الحكيم والعاقل في منأى عن مخالب الموت الساكنة في المنافقين والخطأة الذين اختاروا الموت سبيلًا لحياتهم وتركوا رب الحياة، زرعوا مصانع السلاح وتفننوا في صناعة الموت.
لذلك، على من أراد أن يحيا أن يكون كالشجرة المغروسة على مجارى المياه، وكما قال أشعيا النبي مناديًا على من يتوقون للخروج من سفاهة ووضاعة هذا العالم الخاضع لسلطان الدمار والموت: ” أيها العطاش جميعا هلموا إلى المياه والذين لا فضة لهم هلموا آشتروا وكلوا هلموا آشتروا بغير فضة ولا ثمن” (اشعياء 55 : 1).