” أحد التجربة “ – الأب بطرس أنور
” أحد التجربة “
حينما نبدأ جهادنا في رحلة الصوم الأربعيني المقدس يبدأ أيضا عدو الخير حربه معنا ليرجعنا عن السير في طريق الله وليسقطنا في الخطية أو الفتور الروحى.. لذلك اختارت الكنيسة أن تقدم لنا في الأحد الثاني من الصوم إنجيل التجربة على الجبل لكي تعلمنا أن التجارب والضيقات للجميع ..فهي ليست للخطاة بسبب خطاياهم وإنما هي لجميع الناس وبالأكثر للأبرار والقديسين بل أن السيد المسيح له المجد نفسه جرب من إبليس ليس فقط الثلاثة تجارب التي جرب بها على الجبل ولكن شملت التجارب حياته كلها حتى قال عنه معلمنا بولس الرسول “مجربا في كل شيء مثلنا بلا خطية” (عب4: 15) كذلك أولاد الله لابد لهم من التعرض للضيقات والتجارب والآلام كما قال السيد المسيح لتلاميذه القديسين “في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم” (يو16: 33) ..وأيضا خدام الله يجب أن يعدوا أنفسهم للتجربة كما قيل في سفر يشوع بن سيراخ “يابنى أن أقبلت لخدمة الرب الإله فأثبت على البر والتقوى وأعد نفسك للتجربة” لذلك تجربة السيد المسيح على الجبل تعد مثالا لنا لاحتمال ما يأتي علينا من ضيقات وتجارب واثقين من معونته لنا في التجربة كما يقول الكتاب “فيما هو قد تألم مجربا يقدر أن يعين المجربين” هناك تجارب سببها الإنسان نفسه كما يقول معلمنا يعقوب “ولكن كل واحد يجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته” (يع1: 14). وهناك تجارب سببها حسد إبليس لأولاد الله: مثلما يحدث معنا في فترات الصوم والحرارة الروحية وعقب التناول وممارسة وسائط النعمة المختلفة. نري في هذا الأحد ثلاث تجارب وهم أيضاً في الحقيقة منذ البداء يتحارب بهم الإنسان.
1- تجربة الجسد
”إن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزاٍ” (مت 3:4). ومن يصوم بالحق ينتصر على تجربة الجسد… سواء كانت الشراهة أم الجنس أم محبة الراحة والرفاهية… وميوعة الحياة. فمن يمسك بمفتاح الصوم يستطيع أن يستأمن على كنوز الجسد ومواهبه وقواه. لذلك الجسد ضعيف يحتاج أن نمتلاء من الروح القدس. على الإنسان عندما يضعف يتذكر دائما القوة في الروح الذي فينا، نحن هياكل الله وروح الله يسكن فينا، الروح أقوى من الجسد، عالم اليوم يحارب الإنسان كثيراً بالجسد ولكن علينا نحن كمؤمنين نكون دائما خميرة في وسط هذا العالم ونقول بل ثقة ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله .
ب- المجد الذاتى:
”إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل” (مت 6:4). ومن يصلى بالحق ينجو من فخ المجد الباطل… لأن حياته وتدبيرها سيكونان بالله بواسطة الصلاة… وكل خدع وحيل إبليس ستنكشف له ويفضحها كما فعل السيد المسيح على الجبل وفى الصليب. ( يعني بلاش الامتلاء من الذات حتى لا نصل الي الغرور والكبرياء ). هكذا قال القديس بولس الرسول: ” مع المسيح صُلِبت. لكي أحيا -لا أنا- بل المسيح يحيا في (غل 2: 20).. ذاتي لا تحيا مطلقًا. إنه إنكار الذات الذي دعانا إليه الرب، كشرط لإتباعه.
إذ قال “إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني” (مت 16: 24)
وأيضاً بدأ السيد المسيح له المجد، تجسده بنفس المبدأ. إذ قيل عنه إنه ” أخلى نفسه، آخذا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب..” (فى 2: 7، 8).
هذا هو السيد الرب الذي قال للآب “فلتكن مشيئتك” (مت 26: 42) “ليس كما أريد أنا، بل كما تريد أنت” ( مت 26: 39) وقال أيضا ” لأني لا أطلب مشيئتي، بل مشيئة الآب الذي أرسلني” (يو 5: 30). وكرر ذلك في (يو 6: 38). إنه يعطينا بكل ذلك درسا..لذلك يقف أمام إبليس ويقول له لا تجرب الرب إلهك.
جـ – تعظم المعيشة
”أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لى” (مت 9:4). إنسان اليوم يسعي دائما لتعظم المعيشة، ولكن في حقيقة الأمر المال لا يعطي السعادة ولا كل ما نمتلك . علينا أن لا نسجد لغير الله ، هناك في حياتنا حاجات كتيره بنسجد لها . مالنا – ممتلكاتنا – ..الخ، وهناك فرق بين الطموح وتعظم المعيشة، تعظم المعيشة إنه طموح مركَّز على الذات، ولأهداف عالمية، وربما بوسائل خاطئة.. مثل الطموح في الغنى، في اللذة، في الشهوة، في المال، في الألقاب، في العظمة، في المجد الباطل.. وما أشبه..مثال ذلك الغني الغبي. فقال “أهدم مخازني، وأبني أعظم منها، وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي. وأقول لنفسي: يا نفسي لكِ خيرات كثيرة موضوعة لسنين عديدة. استريحي وكلي واشربي وافرحي” وهكذا كان مركزًا في المادة وحول ذاته. ولم تدخل علاقته بالله في طموحه الإيماني . لذلك سمع ذلك الحكم الإلهي: “يا غبي، في هذه الليلة تؤخذ نفسك منك. فهذه التي أعددتها، لمن تكون؟!” (لو20:12). علينا أن نسأل ما هوموقفي اتجاه تجربةالجسد ؟ ماهوموقفي اتجاه المجدالذاتي أوتعظم المعيشة؟