20 سنة على نشر كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية
الحكم على محتوى هذا الكتاب: هذا الكتاب لا يريد الإدّعاء أنّه سيكون أحسن كتاب دين يعرفه التّاريخ. لكنّه سيكون أوّل كتاب بهذا الوسع الدّيني وكمرجع أساسيّ للحقائق الّلاهوتية المعروفة والثّابتة، إذ الحقائق الّلاهوتيّة، بما أنّها وحي إلهي، فهي قلب الدّين الحي، وهي غير خاضعة للتبديل، لذا فالكتاب لا يحيد عن الطّريق المفتوح، بل يسمّي الأشياء بأسمائها المعهودة، مثلا عندما يتطرّق إلى العقائد الصعبة مثل الثالوث الأقدس،ألوهيّة المسيح، الكلمات: خطيئة، نعمة، خلاص، غفران فهي بقيت هي هي ولو أن لغات العالم اليوم نسيت استعمال هذه الكلمات، لكنّ الكنيسة لم تغيّرها فهي من صلب تعليمها الّلاهوتي ولا غنى عن ذكرها وتعليمها المتكامل طيلة العصور. الكتاب يحاول فقط تفسيرها بأسلوب جديد سلس بسيط ومفهوم في التعليم والممارسة في حياة الكنيسة من خلال طقوسها وفي الحياة العامّة اليوميّة، من خلال التوجيهات العمليّة الّتي سيعطيها لكلّ قارئ، الّذي حتّى يقبلها، ما عليه أن يكون مؤمنا بل فقط منفتحا لقبول تعليم الإيمان. الكتاب يدعو القارئ أيضا إلى التفكير والتّأمّل ببعض النّصوص، إذ كل نصّ مقرؤ له تأثيره على القلب ولا بدّ أنّه يبعث إلى الحديث عن محتواه وتبادل الآراء في أيّة مناسبة لاحقة. وهذه مهمّة لا يستغني عنها الإيمان الّذي علينا نشره بين بعضنا البعض وبين الأجيال اللاّحقة. وهذا التبشير الجديد هو من برنامج سنة الإيمان الّتي ابتدأناها في 2012.10.11 وستدوم حتّى آخر أحد من السنة الّليتورجيّة القادمة يوم عيد يسوع الملك في 2013.11.24.
من محتويات الكتاب بعد تقديم قانون الإيمان يأتي ذكر الأسرار المقدّسة، الوصايا العشرة، صلاة المسيح. ثم يتطرّق إلى كل المواضيع الإجتماعيّة الرّاهنة: الفقر في العالم، الحروب، التكنولوجيا والصّناعة. ثمّ يتطرّق إلى المسائل الخاصّة. الحب والزّواج، الطّلاق زواج المطلّقين، تحديد النّسل، الكهنوت والعزوبيّة،المرأة والكهنوت، العلاقة الجنسيّة والأخلاق، الإنتحار، الحكم بالإعدام، المخدّرات. هذا ويعطي حكما وجوابا على المشاكل الإجتماعية: الآداب، الإقتصاد، العلاقات العامّة… الخ! فحقا هو كتاب مرجع وحاوي لجميع حقول الدّين والمجتمع. فهو يهمّ كلّ إنسان سواء من العاملين في المشاريع الكنسيّة الدّينية أو العلوم والمدارس أو التربية أو من يهمّه رأي أو موقف الكنيسة في مشكلة من مشاكل العالم اليوم. الكتاب يعزّز موقفه ليس بشروحات لاهوتيّة مطوّلة لكل عقيدة إيمان يتطرّق إليها، وإنّما بذكر هذه العقائد الأساسيّة بحيث يستشهد كثيرا لإثباتها بنصوص وقرارات المجمع الفاتيكاني الثّاني وبالأخص بأقوال التّوراة المناسبة وتعاليم آباء الكنيسة والّلاهوتيّين المعتمدين والتقليد المعترف به(767 نصّا من التقليد المقبول والمعترف به، مع بعض التصحيح لفهمه، كما في العبارة المعهودة: لا خلاص خارج الكنيسة الكاثوليكيّة رقم 846 في الكتاب ومصير الأطفال الّذين يموتون بدون عمّاد رقم 1261-1257). ويعطي بل يؤيّد أقواله بأمثال واقعيّة من حياة القدّيسين الّذين أعطوا للكلمة وجها ومثالا حيّا، فيصبح بذلك واقعيّا وليس فقط نظريّا جامدا. في الكتت القديمة كان الفرد وحده معنيّا في إرشادات وتعليم الكنيسة، كيف عليه أن يتصّرف. هل نسينا سؤال الفرّييسي: “يا معلّم! ماذا أعمل لأرث الحياة الأبديّة؟”(مرقس 17:10) بينما في هذا الكتاب الجديد فيبرز دور وأهمّية المسؤوليّة الجماعيّة العامّة، الّتي في يدها زمام الحكم والقيادة والتّوجيه.
هذا الكتاب هو جدير بالقراءة من المعنيّين فيه، وهم بالدّرجة الأولى الأساقفة الموكّلين من الكنيسة على حراسة ومراقبة صفاء الدّين في أبرشيّاتهم، خاصة تشجيع صدور كتب دينيّة جديدة، فهي غنى ثقافي مفيد، بشرط أن يكون محتواها ومواصيعها قائمة على محتوى هذا الكتاب الّذي ليس هو كتاب ندريس ولكن مرجعا أستشاريّا للإيمان الصّافي. لذا فالإقتباس والتشابه مسموح ومحبّذ. ثم هو موجّه إلى كل من يدين بالكثلكة، خاصّة المتقلقل في إيمانه، إذ قراءته تذكّر وتحيي وتقويّ إيمانه. وآخيرا وليس آخرا لكل من يريد أن يتعرّف على أساس ومحتوى ومقوّمات الدّين الكاثوليكي، إذ هو يذكر ويقارن المشابهات والإختلافات مع الدّيانات الأخرى، دون أن يسهب ببحثها مطوّلا. وهذه نقطة مهمّة إجمالا للحوار الصّادق. نقطة مهمّة يجب ذكرها: إنّه عندما يتكلّم عن الأخلاق والآداب، فقد ترك أسلوب التهديد والتوبيخ والتخويف من جهنّم وعذابها، كما كان أسلوب أكثر الكتب الدّينيّة حتّى اليوم.
إنّه كتاب سهل التّصفّح. فهناك فهرس شامل لكل فصوله ومواضيعه وهناك في بداية كل فصل جديد مختصر لأهم الأفكار الّتي سيتمّ التطّرّق إليها أو بحثها أو قراءتها. هو يحتوي على الأربعة فصول التقليديّة التّالية:
1. الفصل الأوّل: قانون الإيمان من الوحي الإلهي
– الإنسان مخلوق إلهي ، قدير على اكتشاف الله بواسطة ابنه
– الله يهتم بالإنسان ويهمّه أمر الإنسان
– جواب الإنسان عن الله
2. الفصل الثّاني: الإحتفال بالأسرار الإلهية
– سرّ الخلاص
– سرّ الخلاص الفصحي في حياة الكنيسة
– الإحتفال بسر الخلاص الفصحي
– الأسرار السّبعة
– ألأسرار الإفتتاحيّة
– ألأسرار الخلاصيّة
– أسرار الخلاص الجماعيّة
– الإحتفالات الّليتورجيّة الأخرى
3. الحياة في المسيح
– دعوة الإنسان: الحياة في الرّوح القدس
– قيمة الإنسان الشخصيّة
– قيمة الإنسان الجماغيّة
– طرق الخلاص: الشّريعة والنّعمة
– الوصايا العشر
– أحبب الرّب إلهك بكلّ قلبك وكلّ نفسك وكلّ ذهنك
– أحبب قريبك كنفسك
4. الصّلاة المسيحيّة
– الصّلاة في الحياة المسيحيّة
– أهداف الصّلاة
– تقاليد الصّلاة
– الصّلاة والحياة
– صلاة المسيح: الصّلاة الربّانيّة
بالإختصار، كتاب الدّين هذا الجديد لا يحلّ محلّ اللاّهوت ولا يمنع اللاّهوت من السعي الحثيث الدّائم في إيجاد وحلول أسرار الدّين الواسعة، كما أنّه لا يريد منع الإستماع إلى الجدالات حول سؤالات لاهوتيّة، سواء قديمة أو جديدة ويتباحث مع مكتشفيها.
لا يريد منع كتابة أو صدور كتب دينيّة إقليميّة أو محلّيّة، والمجال مفتوح في هذا الإتجاه، ما دامت هي تعتمد في هيكلها ومحتواها على محتواه. بل عليها أن تبني على محتواه لتسهم في نشره وتعريفه في العالم.
لا يريد وضع حدّ للعلم اللاّهوتي أو لأفكار لاهوتيّة جديدة، ما دامت مرضية ومتطابقة لتعليم الكنيسة العام، المنفتح لكل تعليم وتبشير جديد فيها.
هذا الكتاب، كما وصفه الباب يوحنا بولس الثّاني في أوانه، هو كتاب حاو على قديم وجديد (متّى 52:13) لأنّ الإيمان، ولو عمره ينيف على الألفي سنة، هو دائما جديد وهو قادر دائما على إنارة العالم من جديد وبضوء جديد.
كتاب الدّين الجديد هو بالإختصار رسالة حب من صاحبة إلى صاحبها، ومن لا يقرأ رسالة حب تأتيه من صاحبته بشغف وانتباه؟. كتاب الدّين هو رسالة الكنيسة المحبّة إلى محبّيها. فمن لا يشتاق لقراءة رسالة الحب هذه، الّتي سمحت لنفسي تقديمها لكم بهذا المقال المتسلسل؟.
الأب منويل بدر – ألمانيا
موقع ابونا