stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

أخبار الكنيسةروحية ورعوية

30/7/2018 تأمل الاب وليم سيدهم

932views

“أحبوا أعداءكم و أحسنوا الى مبغضيكم” – 2

يعبر القديس بولس في رسالته إلى أهل فيلبي 2 : 5 في هذا النشيد عن سمو و تجرد الابن المتجسد عن استغلاله لصفة (الالهية) لخدمة الاغراض البشرية بقوله : “فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا” وفي الاعداد من 6 : 8 “الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً للهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ”.

إن طاعة المسيح ليست الطاعة التى نعرفها بنعم وحاضر و لا فى جزيئات حياتنا إنما المقصود بها هى قبول “الكيان البشرى” عن رضى و عن إختيار حر للأقنوم الثانى من الثالوث المقدس.

إن تجرد المسيح عن صفة الالوهية لا يساويها إلا فعل الحب غير المشروط للإنسان و كل إنسان الذى رأت حكمة الثالوث أن تضامن الله مع البشر من خلال دور الأنبياء وصل إلى طريق مسدود، و لن يكمل هذه المسيرة إلا تجسد ابنه و اتخاذه صورة “العبد” ليتواصل مع خليقته البشرية و حتى يعلمهم طريق الخلاص كما تذكر الليتورجية فى القداس القبطى.

إن العلاقة بين المسيح و معرفة ‘عداءه الحقيقين ستكشف لنا رويداً من هم أعدائنا و لماذا يدعونا المسيح إلى محبتهم بشكل لافت للنظر و محير لأغلبية المؤمنين المسيحيين.

نضيف أيضاً حدثاً هاماً فى الإنجيل يذكره يسوع ليعلمنا الفرق بين العدو و الحبيب لا بل فى هذا المثل إشارة إلى إمكانية أن نكون نحن أعداء أنفسنا دون أن ندرس أو نلاحظ.

و رداً على سؤال أحد الكتبة للمسيح عن المقصود بما قاله المسيح : “تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ” السؤال ومن هو قريبى؟

قبل أن نورد رد المسيح على هذا السؤال يجب أن نفسر ما جاء فى الآية السابقة وهو أن الوصايا العشرة تلخص فى وصيتين كما قال المسيح، الأولى محبة الله و الثانية محبة القريب (كل البشر) و ليس فقط القريب بالجسد أو بالعنصر أو بالمذهب أو باللون. لذا جاء المسيح قاطعاً و مفحماً لهذا اليهودى المتفزلك و هنا يأتى مثل السامرى الصالح.

لقد دخل يسوع مباشرة فى الموضوع “عدوك” السامرى الذى كانت بيننهم عداوة باعتبارهم خوارج على الدين اليهودى الأصيل و يعتبرون فى عداء “الوثنيين” الانجاس.

لقد أخذ المسيح من “العدو” التقليدى لمعاصريه مثلا مفحماً إذ يظهر فى هذا المثل أن أقرب الناس إليك يمكن أن يكون الدّ اعداءاك، بينما يحدث تبادل فى الأدوار فيصبح الكاهن و اللاوى اليهوديان في هذا المثل هما الاعداء الحقيقيين لأنهم فضلوا “الذبيحة و المحرقة” الطقسية كما جاء فى المزمور السابق ذكره على مشيئة الله الحقيقية و إنقاذ الحياة للذى وقع بين اللصوص.

إذن “بِذَبِيحَةٍ وَتَقْدِمَةٍ لَمْ تُسَرَّ. أُذُنَيَّ فَتَحْتَ. مُحْرَقَةً وَذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ لَمْ تَطْلُبْ. حِينَئِذٍ قُلْتُ: «هأَنَذَا جِئْتُ. بِدَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّى:  أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ، وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي»

إن اللهث وراء الذبائح و المحرقات الطقسية المنفصلة عن آلام الناس و عن همومهم لن تزيد الكهنة و اللاويين إلا عمأً و انفصالاً عن واقع الحياة التى يريد لها الله أن تستمر ة تثمر رغم الصعوبات من سرقة و قتل و نهب و جباية و نميمة و نفاق و شيزوفيرنيا.

مازالت نصوص “السامرى الصالح” تدعونا اليوم وكل يوم لنتحرر من طقوسنا و عاداتنا السيئة و المميتة. إن شرط فعالية الطقس هو احتفاله بنجاحات و اخفاقات المؤمنين و حينما ينفصل الطقس ليصبح شرط الحصول على حسنة الذبيحة أو شرط الحصول على تزكية الرؤساء أو شرط الحصول على السمعة الطيبة للكاهن أو شرط الحصول على حسنات الموتى و اصحاب الافراح المزيفة و غير المبنية على الحب الحقيقي بل مبنية ضخامة المحفظة ارتفاع سعر السيارة – شقة عش الزوجية …. الخ من الشروط التى لا تهم خالقنا و سيدنا بل تهم الناس فقط و كلام الناس.

إن الذبيحة الحقيقية التى يرصى عنها الله بحسب الكتاب المقدس هى الذبائح التى تحتفل بالحياة و المرتبطة بآلام الناس جميعاً و ليس بعض من أدمنوا حضور الذبائح الطقسية على حساب الذبائح الحياتية.