الإستقامة..المطران عادل زكي
· من بين الفضائل التي تغيب مراراً عن مجتمعنا وعلاقاتنا، فضيلة “الإستقامة”.. ما يزعج الإنسان هو الخبث والدهاء وعدم صفاء القصد.
إن الصداقة تستمر بين البشر رغم العقبات التي تعترضها في حالة صفاء النية، واستقامة السعي، ولكنها قد تزول وتمحى من الوجود عندما يكتشف الإنسان المراوغة والحيلة، فتتحول حينئذ إلى عداوة، والمحبة تتحول إلى فرقة.
· والله نفسه لا يغفر إلا إذا استقامت نية الإنسان وخلصت وتنقت من الكذب والغش والمراوغة.
· إننا في مسألة الإستقامة لا نقبل المهادنة، فكل غش ولفّ ودوران يتم عن عدم استقامة في الحياة نرفضه ونرزله.
المسيح غضب وقال كلمات قاسية في الرياء، ووبخ الفريسيين لأنهم مرائين. “انظروا يا اخوة ان الله هو رحيم و عادل إنما لا يستهزئ به”
لما سأله أحد علماء الناموس: “ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية، أجابه السيد: “لا تكذب .. ولا تشهد بالزور” ( متي 16/19) و يعني بذلك الإستقامة.
· يسوع له المجد كان ضد الغلّو في الكلام أي الكذب: ” ليكن كلامكم نعم نعم ولا لا، وما زاد علي ذلك فهو من الشرير” ( متي 5/37 ).
هذه التوصية لها أهمية كبري لأنها موجهة اساساً لنا لأننا في طبعنا المغالاه والإسراف في الكلام وتضخيم الأمور.
· نراه بالعكس يمدح نثنائيل ” لأنه اسرائيلي لا غش فيه ” (يو 1/47 ).
ويشدد علي ضرورة الإنسان طفلاً أي كاملاً في البساطة والصراحة والإستقامة والبراءة، ويوصي تلاميذه ” كونوا ودعاء كالحمام وحكماء كالحيات” (متي 10/16 )
ويريد منهم التشبه بحكمة الحية وليس بخبثها وحيلها.
· يوضح المسيح تفكيره عن الإستقامة بقوله: “إذا كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون شريراً، و اذا كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون بسيطاً، فسراج الجسد العين” (لو 11/34).
لم يكن يسوع يعلّم فقط الإستقامة بل جسدّها في حياته، وكان المثل الرائع لها:
قال: ” جئت لأشهد الحق ” ( يو 18/37 )
و قال: ” أنا الحق ” ( يو 6/14 )
و قيل عنه: ” كان هو النعمة والحق ” ( يو 1/14 )
وأمام السندريم سُئل “هل أنت ملك”، أجاب دون مواربة “نعم”، رغم علمه بنقمة الناس عليه بسبب هذه الكلمة ومات شهيد الحق والصدق.
· ما أجمل شهادة خصومه الذين اخذوا يلاحقونه ويدرسون تصرفاته ليجدوا أمراً يشكونه به، فقالوا “يا معلم قد علمنا أنك محق، ولا تبالي بأحد ولا تنظر إلى وجوه الناس، بل تعّلم طريق الله بالحق” ( مر12/14)
وقال الإنجيل عن الفريسيين: ” إنهم لم يستطيعوا أن يصطادوه بكلمة ” (لو 11/54 )
· يسوع كان يحب الحق و شفافية النفس المستقيمة، بالقدر نفسه كان يكره الخبث والرياء وعدم الإستقامة.
” أيتها القبور المجصصة.. أيها الحيات أولاد الأفاعي.. لكي يأتي عليكم كل دم زكي سُفك علي الأرض من دم هابيل إلي دم زكريا ” ( متي 23/35 )
وتتوالى المشاهد التي يعّبر فيها المسيح عن اشمئزازه وسخطه علي الكذب والرياء:
فيقول: ” انتبهوا لخمير الفريسيين الذي هو الرياء ” ( لو 12/1 )
” إن لم يزد بركم علي الكتبة والفريسيين فلن تدخلوا ملكوت الله ” ( مت 5/20 )
” فضّل المسيح العشار الخاطئ علي الفريسي المتكبر” ( لو 18/9 )
” وإذا صنعت صدقة فلا تنفخ أمامك بالبوق كما يفعل المراؤون الذين يحبون الصلاة في الشوارع ” ( مت 6/2 )
” و يعملون كل شئ رياء حتى يراهم الناس ” ( مت 23/5 )
” هذا الشعب يكرمني بشفتيه وقلبه بعيد عني ” ( اشعياء 29/13 )
يا أولادي دعونا نصلي من أجل الاستقامة:
· في أعماق نفوسنا رواسب كثيرة من الرياء و الكذب و الغش و التضليل نردد في صلواتنا الطقسية: ” قوم افكارنا، نق نياتنا ……..”
” قلباً نقياً أخلق فيّ يا رب و روحاً مستقيماً جدّد في احشائي ” ( مز 50/10 )
و للمقال بقيــــة …
وطنى