stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعوية

دعوتي هى الحب / رضا نادى شمعون

933views

دعوتي هى الحب / رضا نادى شمعون

دعوتي هى الحبtereza

بعد مسيرة صلاة وحياة روحية عميقة فى رحاب الجماعة الرهبانية داخل أسوار الدير ، أكتشفت القديسة تريزا للطفل يسوع ، عمق دعوتها وسموها .. فدعوتها هى الحب .. أن تحب من أحبها وبذل نفسه من أجلها .. ولكن تلك المحبة لها شروط فى عالم انسلخت منه المحبة والقيم والنهج الصحيح نحو المطلق .. حيث سادت المادة فسيطرت على قلوب البشر وعلى عقولهم وعلى ضمائرهم .. 

ومن شروط المحبة الكاملة التى تطرد الخوف خارجاً وتعطى عطايا حسنة هى : – أن تتأنى وترفق ، حيث أن كل إنسان حباه الله مواهب وعطايا وملكات .

– لا تتفاخر بل نهجها التواضع لأن مسيحنا متواضع . 

– لا تنتفخ ولا تقبح بل مستقيمة متخلية مضحّية .

– لا تطلب ما لنفسها بل ما هو خير للآخرين ، حيث تنشد نشيد التضامن والمشاركة .

– لا تحتد ولا تظن السوء بل تفترض حسن النية فى كل إنسان لأنه يحمل فى كيانة تناقضاً .. إيجابيات وسلبيات ، نور وظلمة ، والمحبة لا تفرح بالإثم ولا ترفض الأثيم والخاطى بل تفرح بالحق وبقبول الآخر والعيش بملء قامة المحبة أى العيش مع يسوع ( 1كور13 ) .

إذاً المحبة بالنسبة للقديس بولس مشروطة بالسلوك الإنساني أى ليست حباً أفلاطونياً مثالياً ، بل هى واقعية ، جذورها تضرب فى الواقع .. لأنها تُمارس من خلال أفعال بشرية يقوم بها الإنسان مع الآخرين .. ومن يعيشها فهو إنسان ناضج وعقله راجح وضميره حيّ وقلبه متقد لأنه وصل لعلاقة حميمة مع نفسه ومع الآخرين .. ومن لا يعيشها فهو فارغ كالنحاس الذى يطن وكالصنج الذى يرن .. والحكيم هو الذى يفرح بأنه يحب دون مقابل وذلك لأنه يعى أن حبه غير مشروط بالأرضيات الفانيات ، بل له عمق فى السماويات الباقيات ، حيث ان الحب مجانى وعطائه فياض كالنهر المتدفق .

والحياة الروحية هى حياة دائمة الأستمرارية نحو الله .. 

لا تتوقف حيث يعمل الروح فى قلوب البشر ن يسعى سعياً دؤوب نحو الكمال .. ولا نصل إلى ذلك الكمال المطلق طالما نحن فى سجن الجسد ، بل نسعى لنمتلىء منه وتفيض إشعاعات حبنا على غيرنا .. والله فى حبه للإنسان شاركه عالمه ومأساته وقدم له درباً جديداً يقوده نحو الآب السماوي المُحب .. ولكن الإنسان تمرد على ذلك الحب وقدم المسيح للصلب ورفض أن يؤمن به وبالحياة القادمة معه .. رفض أن هناك حباً تجسد وعطاءً ظهر فى الصليب .. بل يريد أن يصبغه بتمرده وحرمانه وعطشه الدائم الذى لا يرتوى .

عندما يترك الإنسان المدعو للحب كل حطام الدنيا ، أهله ، بلدته ، عشيرته ، ماله ، وكل ما يتمسك به ، فإنه يبدأ مسيرة الصعود نحو الطريق الجديد .. إلى أورشليم السماوية ، وكلما تخلى صعد ، وكلما تمسك هبط وفقد عزيمته وهدفه .. 

وعندما صاحت القديسة تريزا للطفل يسوع صيحتها الجهورة العميقة بأنها أكتشفت عمق دعوتها ألاّّ وهى الحب ، لم تقل شيئاً جديداً بل عاشت شيئاً نادراً من نوعه وخرجت منه بما يجعلها تدخل فى الحب اللامتناهي .

ونحن على مثالها نرغب فى الحب ولكنّّا نخشى ان نخوض المغامرة .. نخشى ترك الروابط التى تضغط علينا وتعوق إطلاقنا ..

نريد حباً حراً يُمارس من خلال الآخرين ونخاف من نظراتهم وأفكارهم ووجودهم .. ” باطل كل شيء خارج الله ” كما قالت أيضاً . فالله عطاء والحب عطاء .. والعطاء للآخر .. إنه عملية تبادلية دينامكية حية .فلابد أن نكسر ونحطم قيودنا كى نلقى الحب فى الآخر وحب الله فيه .

فالعالم لايحتاج إلى رسل لا يعملون بحب وفرح وشجاعة ..وليس بأفكار قديمة  بالية وسلوك لا يناسب وضعهم كأبناء الله .. فإن الجميع يحتاجون إلى مثل صالح وقدوة صادقة وتقوى حقة .. وليس تمثالاً على قمة جبل ولا حجراً لا يشعر بهم ولا يشعر بأطوار حياتهم .. بل يعيش معهم ويأخذ من نبع المسيح الفياض ويعطيهم .. تلك هى دعوة الحب التى نتوق إليها .