stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

«فَغَمَسَ اللقمَةَ ورَفَعَها وناوَلَها يَهوَذا بن سِمعان الإسخريوطيّ» القدّيس أوغسطينُس

359views

القدّيس أوغسطينُس (354 – 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة
عظات عن إنجيل القدّيس يوحنّا

«فَغَمَسَ اللقمَةَ ورَفَعَها وناوَلَها يَهوَذا بن سِمعان الإسخريوطيّ»

حين ناول الربُّ، الّذي هو “خُبزُ الحَياة” (يو 6: 35)، اللقمةَ لذاك الرجل المَيْت، ودلّ من خلال ذلك على ذاك الذي سيخون الخبز الحيّ، قال له: “اِفعَل ما أنتَ فاعِلٌ وعَجِّل”. هو لم يأمر بارتكاب الجريمة؛ بل كشف عن أذيّتها ليهوذا وأعلن عن خيرنا. ألم يكن تسليم الرّب يسوع المسيح الأمر الأسوأ بالنسبة إلى يهوذا، والأمر الأفضل بالنسبة إلينا؟ إذًا، يهوذا الذي ألحق الأذى بنفسه كان يعمل لمصلحتنا بدون علمه بذلك.

“اِفعَل ما أنتَ فاعِلٌ وعَجِّل”. هذا كلام رجل مستعدّ، وليس كلام رجل غاضب. كلام لا يعلن عن عقاب ذاك الذي خان، بل عن مكافأة الفادي لنا، وافتدائه لنا. حين قال الرّب يسوع المسيح “اِفعَل ما أنتَ فاعِلٌ وعَجِّل”، لم يكن يريد انتقاد جريمة الكافر، بل كان يبحث عن الإسراع في خلاص المؤمنين. “أُسلِمَ إِلى المَوتِ مِن أَجْلِ زَلاَّتِنا؛ أَحَبَّ المسيحُ الكَنيسة وجادَ بِنَفسِه مِن أَجْلِها” (رو 4: 25؛ أف 5: 25). هذا ما جعل القدّيس بولس يقول: “أَحبَّني وجادَ بِنَفْسِه مِن أًجْلي” (غل 2: 20). في الواقع، ما كان أحد ليستطيع أن يسلم الرّب يسوع المسيح لو لم يُسلم نفسه… حين خانه يهوذا، فإنّ الرّب يسوع المسيح هو من أسلم نفسه؛ فاوض الأوّل على عمليّة البيع، فيما فاوض الثاني على افتدائنا. “اِفعَل ما أنتَ فاعِلٌ وعَجِّل”: هذا لا يعني أنّك تمتلك القدرة على القيام بذلك، لكنّها كانت إرادة ذاك الذي يستطيع كلّ شيء…

“فتَناوَلَ يهوذا اللُّقمَةَ إِذًا وخرَجَ مِن وَقتِه، وكانَ قد أَظلَمَ اللَّيل”. وذاك الذي خرج كان هو بنفسه الليل. إذًا، حين أتى الليل، قال الرّب يسوع: “الآنَ مُجِّدَ ابنُ الإِنسان!” إذًا، فقد نقل النهار للنهار كلمته (مز 19[18]: 3)، أي أنّ المسيح أوكل تلاميذه سماع كلمته واتّباعها بالمحبّة… سيحصل أمر مشابه حين سيزول هذا العالم الذي هزمه الرّب يسوع المسيح. حينها، بعد أن يتوقّف نمو الزؤان بين القمح، “سيشعّ والصِّدِّيقونَ كالشَّمْسِ في مَلَكوتِ أَبيهِم” (مت 13: 43).