رسالة الأب/ كمال لبيب الخادم الإقليمي للرهبان الفرنسيسكان بمناسبة عيد القيامة
كم من زمن متبقي؟
قاريء العزيز.. لا ترتبك أو تقلق من هذة الكلمات:”كم من الزمن متبقي؟!”. لأنك عندما تقرأها تشعر بنوع من فقدان الرجاء أو الأمل، أو قصر الحياة، لأن هذة الكلمات تُشير إلي قرب نهاية شيء، أو وجوب أنتهاء هذا الشيء.
ولكن سؤالي اليوم كم من الزمن متبقي علي حدث القيامة المجيدة، أو بمعني أخر كم من الزمن متبقي حتي تبدأ نهضتك الروحية ، أو تستعيد نشاطك الروحي، أو أن تبدأ في تجديد ذاتك. بمعني آخر كم من الزمن متبقي حتي تعبر مرحلة الكسل والفتور الروحي… كم من الزمن متبقي حتي تخرج عن ذاتك، عن اللامبالاة تجاه الآخرين… أو علي عبور مشاعر الفشل والإخفاق؟!! فهل تعي جيداً أن الوقت (الزمن) ليس في صالحك، عليك أن تدرك ان القيامة علي الأبواب، ونحن في هذا الاسبوع المقدس نعيش روحانية هذا الزمن المقدس… زمن الفصح… زمن العهد المقدس يوم الخميس … خميس الأسرار ثم نعيش لحظات صلاة يسوع في بستان الزيتون وألآمه وموته علي خشبة الصليب ودفنه في قبرٍ مظلم…ولكن ليست هنا النهاية بل البداية حيث تأتي القيامة…حيث تنطلق أنوارها الروحانية لتملأ كافة جنبات حياتنا بالإيمان والشجاعة والقدرة علي الانتصار.
قاريء العزيز أنتبه… فالوقت يمر بسرعة تفوق الاكتشافات والاختراعات….. لقد أصبح زماننا زمان الفمتو ثانية، ليس زمن السنين والآيام… بل زمن اسرع من الصوت وأسرع من الضؤ بمرات كثيرة. فلماذا تنتظر؟! وإلي متي؟! فكم متبقي من الزمن لكي تقوم أنت أيضاً… لتُجدد روحانيتك، ابتكاراتك ومشاريعك بالإجمال حتي تترك روح القيامة “تُجدد كالنسر شبابك”… فتتجدد روحك الممتلئة، من روح القائم من بين الأموات المنتصر علي الموت والفشل وروح الإنهزام … فليس لديك متسعاً من الوقت لتؤجل هذة القيامة وعليك أن تُدرك أنك في تحدي صارخ أمام متطلبات هذة الحياة… فلا ترضخ أمامها أو تنكسر… بل ابحث عن روح الله في داخلك في كل لحظة من حياتك … أشركهُ فيها … أشركهُ في طموحاتك ومشاريعك وابتكاراتك بل وأحلامك أيضاً.
أخي القاريء الله يمنحك الآن نعمة الوقت حتي تدخل إلي ذاتك وتكتشف قدراتك … لتستطيع أن تقوم من جديد… أن تقوم معه … إن الله يعطيك هذه الفرصة الرائعة والفريدة فقط إن إتحدت به … وتذكر جيداً أنك لكي تملك الوقت يجب أن تلتقي بصاحبه… بخالق الزمن ومن هو هذا خالق الزمن وصاحبه !!!.. إنه رب الكون … رب الخليقة كلها … فهل تؤمن حقاً به؟! قاريء العزيز … أدعوك اليوم … بل في هذا الوقت بالتحديد للقيام والذهاب إلي أقرب مكان تشعر فيه باللقاء مع الله … أي كان هذا المكان … في الكنيسة في القريب … في داخل ذاتك … تكلم معه وأفتح قلبك أمامه … الآن وليس بعد قليل أو غداً… بل الآن لإن الوقت ليس في صالحنا .
وكما ينتظر العالم كله مجيء الرب في أي لحظه … هكذا أيضاً فإن الرب ينتظر العالم أن يأتي إليه في كل لحظة فلا تتراجع أو تتكاسل لإن الوقت ليس في صالحك أعود فأكرر سؤالي :”كم من الزمن متبقي؟!”
بهذه المناسبة أقدم لكم أرق التهاني باعياد القيامة المجيدة ولتكن قيامة المسيح نوراً لنا في حياتنا الروحية والعملية.
الأب/ كمال لبيب الخادم الإقليمي للرهبان الفرنسيسكان بمصر