stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

استشهاد القديس يوحنا المعمدان Martirio di San Giovanni Battista La richiesta di Salome

487views

29 أغسطس

إعداد الأب / وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني

الكنيسة مدعوّة على مثال القديس يوحنا لإعلان كلمة الله حتى الاستشهاد” انه على الكنيسة ألا تطلب شيئًا لنفسها بل أن تكون دائمًا في خدمة الإنجيل.

من هو يوحنا المعمدان، يجيبنا هو بنفسه قائلاً: “أنا صوت صارخ في البريّة” لكنه صوت بلا كلمة لأنه ليس الكلمة. فيوحنا هو الذي يرشد ويدل، وقد صرف حياته بأسرها ليرشد إلى شخص آخر. يوحنا هو رجل النور، حمل النور لكنه لم يكن النور بل انعكاسه، لقد كان كالقمر وعندما بدأ يسوع بشارته بدأ يوحنا ينقص ويتوارى شيئًا فشيئًا. إنه الصوت وليس الكلمة نور ولكنه ليس النور! “يبدو لنا يوحنا وكأن لا قيمة له.

ما هي دعوته: إلغاء الذات. وعندما نتأمل حياة هذا الرجل العظيم والقدير الذي كان الجميع يعتقد أنه المسيح المنتظر، عندما نتأمل حياته التي تلاشت في ظلمة السجن فنحن نتأمل سرًّا عظيمًا. نحن لا نعرف كيف عاش يوحنا أيامه الأخيرة، نعرف فقط أنه قتل، لقد قُطع رأسه وقد على طبقٍ كهديّة من راقصة لزانية. إنها قمة إلغاء الذات، هكذا انتهت حياة يوحنا.

في السجن، عاش يوحنا الشك والخوف ودعا تلاميذه وأرسلهم إلى يسوع ليسألوه: “أَأَنتَ الآتي، أَم نَنتَظِر آخَرَ ؟” إن صورة القديس يوحنا المعمدان تجعلني أفكر مليا بالكنيسة، فالكنيسة وجدت لتعلن وتبشر، لتكون صوتا للكلمة، صوتا لعريسها الكلمة. الكنيسة وجدت لإعلان هذه الكلمة حتى الاستشهاد، استشهاد على يد المتكبّرين، أكبر متكبري الأرض.

هل كان باستطاعة يوحنا أن يجعل من نفسه شخصًا مهمًا؟ هل كان باستطاعته أن يقول شيئًا عن نفسه؟ لا أعتقد أبدًا لأنه كان يعرف أنه الصوت لا الكلمة. هذا هو سرّ يوحنا. ولماذا هو قديس لا خطيئة عليه؟ لأنه لم يأخذ يومًا الحقيقة وكأنها من عنده، ولم يتصرف كشخص إيديولوجي وكحارس لعقيدته الخاصة، وإنما كان الرجل الذي أنكر ذاته لتظهر الكلمة للعلن، ونحن ككنيسة يمكننا أن نطلب اليوم نعمة ألا نصبح كنيسة إيديولوجية. على الكنيسة أن تصغي إلى كلمة يسوع وتصبح صوتًا لها وتعلنها بشجاعة، هذه هي الكنيسة التي لا تبشر بذاتها: إنها الكنيسة التي كالقمر، تأخذ نورها من عريسها والتي عليها أن تنقص لتدعه ينمو.

هذا هو المثال الذي يقدمه القديس يوحنا اليوم لنا وللكنيسة: كنيسة دائمًا في الخدمة، كنيسة لا تبحث عن شيء لنفسها. لقد سألنا الرب اليوم أن يمنحنا نعمة الفرح، سألناه أن يُبهج هذه الكنيسة في خدمتها للكلمة، وأن تكون صوت هذه الكلمة وتبشر بها. لنطلب منه أيضًا أن نتشبه بالقديس يوحنا ونتخلّى عن أفكارنا الشخصية وإنجيلنا الشخصي لنكون فقط كنيسة صوت يرشد إلى الكلمة حتى الاستشهاد. وَقعت هذهِ الجريمةُ النّكراء، كما يروي المؤرّخ اليهودي الرّوماني يوسيفيوس فلافيوس، مِن تلك الفترة، سنة 29 للميلاد، في حِصن مكاور، الواقع إلى الجنوب الغربي من مدينة مادبا على بعد نحو ثلاثين كيلومتر.

وقَد بناهُ القائد الاسكندر جانيوس، على قمّة تلٍّ مُشرفٍ على البحر الميت ، لصد غزوات قبائل الصحراء الشرقية .

يروي التّقليد، أنَّ تلاميذَ يوحنّا أخذوا جُثمانَهُ، وَدَفنوه في مدينةِ سَبسطية، الواقِعة شمال غرب مدينة نابلس. وِمن هناك نشأَ عيد اليوم. فمنذ القرن الخامس، كانَ المسيحيّون يحتفلون بذكرى تأسيس كنيسةٍ دُشّنت في سبسطية، حيث وُضِعت رُفاتُه، وشُيّدت على اسم قطعِ رأسِ القدّيس يوحنّا المعمدان. ومنذُ القرنِ السّادس والسّابع للميلاد، انتشرَ الاحتِفالُ بهذا العيد، عندَ المسيحيين شرقًا وغربًا، إحياءً لذكرى استشهادِ المعمدانِ. فلتكن صلاته وشفاعته معنا.