stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

كتابات القراء

ما بين الانتحار والموت حيًا..!!

928views

andro

كتب : اندرو هانى
كبرنا على بعض المسلّمات التي تطورت مع الوقت وُوزعت ما بين العيب والحرام لأسباب لم نعد نتكلم بها، بينما نجهل تجنبنا لدَرج بعض التصرفات
في إحدى الصندوقين.
لماذا لا نعدّ إحباط الآخرين حرامًا أو حتى في مرتبة أقل، عيب؟ لماذا لا نعد من يقول لطفل أن هناك أمور أكبر منه جريمة؟ وبالعكس أصبح ضرب وصفع _وفي بعض الأحيان تعذيب- الأطفال نوعًا من التربية؟
أظن إننا لم نعطِ للأحداث تعريفًا، ولم نأخذ بعض التصرفات على محمل الجد، مثل العالم غير الآمن الذي ننشيئ فيه أطفالنا، أو ذاك الأمل الزائف بأن أولادنا سيحققوا حلمنا الذي لم نستطِع تحقيقه، تارة لأننا لم نجد له الوقت لإنشغالنا بإنشاء عائلة على قدر أعلى من الأمان المادي والإجتماعي، وتارة لأننا لم نضع حتى في عين الإعتبار -ولو للحظة- أن من الطبيعي أن يكون لأولادنا حلمهم الخاص، بل كيف نفكر أن أبنائنا سيحققوا أحلامنا أو-إذا كنا على قدر من الإحترام- أحلامهم إذا لم يرونا نحن نحقق أحلامنا؟ أم تراهم سينتظرون بدورهم أبنائهم ليحققوا أحلامهم التي امتدوها -رغمًا عنهم- منّا؟
تعودنا أن نرى بعض الأمور إنها حرامًا ولم ندرك لماذا. لماذا السرقة محرمة؟ ولماذا الغش محرم؟ ولماذا القتل محرم أو بالأحرى لماذا الإنتحار اعتبرناه حرامًا؟
أغلبنا استند لأسباب دينيه لتحريم تلك الامور، أما بالنسبة لأمورٍ أخرى فهناك من لم يجد السند الديني فاكتفى بالعيب وأكمل حياته.
في الأصل كل الأمور تصب في مدى قربي من إنسانيتي. هل ما أقوم به يجعلني ألمس إنسانيتي أكثر أم أنسلخ عنها؟ وهو المقياس.
الغش والسرقة تجعل إنسانيتي تستند لحقائق زائفة أواجه بها العالم فلا تزيد سوى قناع على قناع لا أستطيع معه لمس روحي، فالقناع يزداد سماكة مع الزمن. ومن ناحية أخرى فالقتل هو عدم الرجاء في تغيير الأشخاص من حولنا واختيارنا لوسيلة أسرع وأكثر جذرية من مساعدة الشخص للمس إنسانيته أو للمس الله بداخله، وفي النهاية اختذلنا الإنتحار في أن ليس من حقي إنهاء حياة ليست ملكًا لي أنما اعطاها الله لي لفترة مؤقته فيستردها في نهاية الأمر في وقت يحدده هو. روحي هي لي، إنما إشكالية الانتحار هي في فقد الرجاء في حضور الله في حياتي وهذه هي الخطيئة، أما الغش والسرقة هو فقد الرجاء أيضًا في لمسة الله لحياتنا وتغييرها للأفضل، وفقد الرجاء في أنفسنا وفي قدرتنا المشتركة مع باقي في تغيير العالم بل نسعى لحلول أسرع وقتًا وأكثر جذرية جوهرها هو فقدان الرجاء.. وهذه هي الخطيئة!
يعيش عدد كبير منا خاضع لدورة حياة، لا ينفك يخرج من مرحلة إلا ويتقدم طواعية إلى مرحلة أخرى دون التوقف للإجابة عن سؤال هل أريد هذا حقًا؟ هل أنا مستعد لهذا حقًا؟ ما الذي تخيلت عنه في سبيل دخولي لتلك المرحلة؟ وهل كان يستحق التخلي حقًا أم إني تخليت عن جانب من إنسانيتي لقاء ربح سريع جذري لن يزيد سوى سماكة قناعي؟!
يعيش أغلبنا منتحرًا..
يعيش أغلبنا منتحرًا فاقد القدرة والرجاء بالتغيير، وبدلًا من حلٍ جذري اختار حل أقل ألمًا من الناحية اللحظية وإن كان مزمنًا عليه أن يتعامل معه على مراحل طيلة حياته.
بعضنا انتحر حيًا لما رآه من مخاوف لم يكن مستعدًا لها، والبعض الآخر انتحر حيًا لما لم يراه في نفسه من كنوز لآن آخرين أخبروه بنتيجة بحثهم هم في نفوسهم هم فغاصت أكثر نفائسه الثمينه في تربة روحه مثلما حدث لمن أخبروه عندما وثقوا في آخرين شربوا من نفس الماء، لتكتمل الدائرة وتصل إليك أنت.
نحن محاطون بمنتحرون أحياء، أناس قيل لهم إنهم بلا موهبة ولا كنز فغاصت كنوزهم في ثرى أرواحهم عندما سمحوا بيرييها من ماء من لم بجد كنزه على أرضه وأصبح من الصعب إيجاده، فيأسوا وبنفس مجارف الحفر بدأوا ببناء وظيفة وبيت وسيارة ومرتب جيد وأضافوا كثير من مصادر النور الفضفاضة على أرضهم، فوق كنوزهم فتجذب الانتباه وتعمي الأبصار عن أطلال مدينة الكنز القديمة.
اهدموا مساحات الأمان وأنشبوا في أرض نفوسكم لعلكم تجدون أثار مدينتكم، لعلكم تجدون نبع ماء في أرضكم يرويكم في مسيرة البحث عن الكنز تحت طبقات التراب ولكن إن عطشتم في مسيرة القيامة تلك، تذكروا أن كنزكم نبع لا ينضب، فهلموا إليه!