www-St-Takla-org___Life-of-Jesus-14
” سـَمِعْتُمْ أَنَّهُ قيلَ لِلأَوَّلين … أَمَّا أَنا فأَقولُ لكم ” ( متى ٥ : ٢١ – ٤٨ )
إنّ الشريعة التي مُنحت لموسى في العهد القديم هي مجموعة تعاليم متنوعة وآمرة ، مجموعة مفيدة حول كل ما يجب القيام به في هذه الحياة وانعكاس سرّي لتقاليد الحياة الخالدة : شعلةٌ ومِصباح ، نارٌ ونور ، تُمثِّل انعكاسات الأنوار السماوية .إنّ شريعة موسى كانت نموذجًا للتقوى وقاعدةً للأخلاقيات الصادقة ، وكانت الحواجز لإيقاف الخطيئة الأولى ، ” فما هذه إلاّظِلُّ الأُمورِ المُستَقبَلة ” ( قولسي ٢ : ١٧ ).
إنّ شريعة موسى كانت معلّمةً للتقوى وموجّهةً للعدالة ونورًا للعميان ودليلاً للحمقى، وكانت للأطفال مُدَرِّسةً وللغافلين رباطًا وللعقول المتصلبة تَحرُّرًا ولفاقدي الصبر نيرًا.إنّ شريعة موسى القديمة كانت رسولاً وسابقاً لصاحب الشريعة الجديدة التي تمّمها يسوع المسيح ، وكانت مبشِّرًا ونبيًّا للملك العظيم ، كانت مدرسة حكمة ، وتحضيرًا لا بد منه وتعليمًا عامًا ، وعقيدةً أتت في حينها وكانت سرًّا وقتيًا .
إنّ شريعة موسى كانت ملخّصًا رمزيًّا وخفيًّا للنعمة الآتية في المستقبل مُعلِنةً ، من خلال الصّور المسبقة ، كمال الحقيقة الآتية . فمِن خلال تقديم الذبائح أعلنت عن الذّبيحة الإلهيّة التّي ستُقدّم ، ومن خلال الدّم أعلنت عن الدم الإلهي الّذي سيراق ، من خلال الحمل ، أعلنت عن حمل الله الغافر خطايا العالم ، من خلال اليمامة أعلنت عن الرّوح القدس الّذي نَزَل من السّماء كأنّه حمامة وشهِدَ يوحنا قال : ” رأيتُ الروحَ ينزلُ عليه من السماءٍ كأنه حمامة فيستقِرُّ عيه . وأنا لم أكُن أعرِفُه ، ولكن الذي أرسلني أُعَمّدُ في الماء هو قال لي : إنّ الذي ترى الرّحَ ينزلُ فيستقِرُّ عليه ، هو الذي يُعمّد في الروح القُدُس . وأنا رأيتُ وشهِدتُ أنهُ هو ابن الله ” ( يوحنا ١ : ٣٢ – ٣٤ ) ، ومن خلال المذبح أعلنت عن الكاهن العظيم ، من خلال الهيكل أعلنت عن مسكن الألوهية ، ومن خلال نار المذبح أعلنت عن ” نور العالم ” ، قال يسوع : ” انا نو العالم ، من يتبعني لا يمشي في الظلام ، بل يكون له نورُ الحياة ” ( يوحنا ٨ : ١٢ ) الّذي سوف ينزل من السماء.
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية واورشليم والاردن للأرمن الكاثوليك