فأَبصَرَ الأعمى مِن وَقتِه وتَبِعَه وهو يُمَجِّدُ الله
تأمل يوم الأحد ٦ مارس / آذار ٢٠١٦
” فأَبصَرَ الأعمى مِن وَقتِه وتَبِعَه وهو يُمَجِّدُ الله ” ( لوقا ١٨ : ٤٣ )
إن مخلّصنا يسوع المسيح ، عندما اختار تلاميذه كان يعرف جيداً بأنهم سيشكّون ويخافون و سيتضعضعون بسبب عذاباته و آلامه ، علماً بأنه أعلمهم مسبقاً بآلامه وموته ودفنه وبمجد قيامته . ومضى بالأثني عشرَ فقال لهم : ” ها نحن صاعدون إلى أُرشليم ، فيتمُّ ما كَتبَ الأنبياءُ في شأنِ ابن الإنسان : فسيسلَمُ إلى الوثنيين فيسخَرون منهُ ويشتمونَه ، ويبصقون عليه ، ويجلِدونَهُ فيقتلونَه ، وفي اليوم الثالثِ يَقوم ” ( لوقا ١٨: ٣١ – ٣٣ ) ، وهكذا فإن رؤيتهم له يتعذّب ويصلب ويموت كما سبق وأعلمهم ، لن تجعلهم يشُكّون بقيامته. لكن الرّسل الّذين ما زالوا مجبولين بالطّابع والضعف البشري لم يستطيعوا فهم هذه الكلمات الّتي كانت تعلن سرّ الخلاص كما يقول القدّيس لوقا في إنجيله : ” فلَم يَفهَموا شَيئاً مِن ذلِكَ ، وكانَ هذا الكَلامُ مُغلَقاً علَيهم ، فلَم يُدرِكوا ما قيل ” (لوقا ١٨: ٣٤ ) .
استمر عدم إدراكهم هذا إلى أن حدثت أعجوبة شفاء الأعمى الّتي حدثت تحت أنظارهم : فلما دنا سأله يسوع : “ماذا تُريدُ أن أصنع لك ؟ ” فقال الأعمى : ” يا ربّ ، أن أُبصِر ” . فقال له يسوع : أبصرْ ، إيمانُكَ خلّصكَ ! ” ( لوقا استعاد الأعمى البصر ، بعملٍ فائقٍ للطبيعة ، لكي يتقوّى إيمان أولئك الّذين هم غير قادرين على فهم وإدراك السّر الفائق الطّبيعة .
يتوجّب علينا ، نحن اتباع ربّنا ومخلصنا يسوع المسيح سيد الطبيعة والحياة ، أن يكون لنا نظرة مزدوجة على عجائبه :
إنها حقائق يجب تقبّلها كما هي ، وهي أيضاً علامات تدلّ على أمور أخرى لا نفهمها بعقلنا البشري … بل بقوة الإيمان المطلق بالله .
نحن لا نعرف تاريخيّاً قصة هذا الأعمى ، ولكننا نعرف ما هو مقصودٌ بطريقة مخفيّة .
إن هذا الأعمى ، يمثّل الجنس البشري المطرود من نِعَم و سعادة الجنّة ، بشخص الإنسان الأول آدم والّذي لا يعرف أي شيء عن النّور الإلهي وهو محكومٌ عليه بالعيش في الظّلمات .
غير أن وجود مخلّصنا يسوع قد أنار بصره وجعله يبصر ، لقد بدأ برؤية السّعادة النّاتجة عن النّور الدّاخلي وبإمكانه منذ الآن أن يسير في درب حياة الأعمال الصّالحة بالرحمةِ والمحبّة .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الإسكندرية واورشليم والأردن للأرمن الكاثوليك