
٢ يوليو ٢٠٢٥
إعداد الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني
وُلدت الطوباوية أوجيني جوبير في 11 فبراير 1876 في بلدة “يسينجو” الريفية بمنطقة “هوت لوار” الفرنسية، ونشأت في عائلة متواضعة تعمل في زراعة الكروم. منذ صغرها، أظهرت ميلًا خاصًا نحو الإيمان والحياة الروحية، وتلقت تنشئتها الدينية في مؤسسات كاثوليكية، حيث تميّزت بسلوكها المستقيم ومحبتها للصلاة وحرصها على حضور القداس بانتظام. كلماتها لإحدى شقيقاتها الصغيرات تكشف عن عمق علاقتها بالله، إذ كانت ترى الطهارة الداخلية والحب الصادق لله شرطًا أساسيًا لحياة مسيحية حقيقية.
مع الوقت، بدأت تشعر بدعوة داخلية قوية لتكريس حياتها لله، فبحثت عن طريقها بتأنٍ، إلى أن انضمت إلى رهبنة “راهبات العائلة المقدسة للقلب الأقدس”، حيث كانت أختها الكبرى قد سبقتها. رافقتها في تلك المرحلة حالة من التردد الروحي، لكنها تغلبت عليها بالصلاة والتأمل، وتلقت دعمًا روحيًا من مؤسس الرهبنة، الأب رابوسييه. في 6 أكتوبر 1895 بدأت رسمياً مسيرتها الرهبانية، ووضعت نصب عينيها أن تكون قديسة، بحسب وصية والدتها المؤثرة لها.
طوال فترة رهبنتها، عُرفت الأخت أوجيني بحبها العميق للصمت والخلوة مع يسوع، إلى جانب تفانيها في خدمة الجماعة بمهام بسيطة وشاقة في آنٍ واحد، مثل تنظيف الكنيسة والعمل في المطبخ. كانت ذات روح متواضعة، تفرح عندما يلمع نجم الأخريات، وتعتبر نفسها خادمة خفية في بيت الرب. كان التعليم المسيحي شغفها الأول، لا سيما تجاه الأطفال الأكثر فقرًا أو مرضًا، وتلك الخدمة كانت وسيلتها للتقرب من الله والمساهمة في خلاص النفوس.
في عام 1902، بدأ المرض ينهش جسدها، إذ أُصيبت بالسل، ورغم التدهور التدريجي في صحتها، واصلت رسالتها بالإيمان والصبر، معتبرة الألم وسيلة للتكريس الروحي العميق. سعت إلى الشفاء عبر الحج إلى لوريتو وروما، لكن مرضها تفاقم، فعادت إلى “لييج” حيث قضت أيامها الأخيرة وسط حب أخواتها. كلماتها الأخيرة التي تكررت باسم يسوع عبّرت عن توقها العميق للاتحاد مع حبيبها الإلهي.
في 2 يوليو 1904، وفي نفس الساعة التي تلقت فيها دعوتها الرهبانية قبل تسع سنوات، سلّمت أوجيني روحها إلى الله عن عمر 28 عامًا. وقد أعلن البابا القديس يوحنا بولس الثاني تطويبها في 20 نوفمبر 1994، مخصصًا يوم 2 يوليو للاحتفال بذكراها، كتأكيد على قداسة حياتها وتفانيها في محبة الله والبشر. رفاتها محفوظة الآن في كنيسة راهبات العائلة المقدسة في “دينانت”، حيث تستمر رسالتها في الإلهام والتشفع. فلتكن صلاتها معنا.