الثقة بمريم العذراء وطلب شفاعتها
” إفعلوا ما يأمُرُكُم به ” ( يوحنا ٢ : ٥ )
الثقة بمريم العذراء وطلب شفاعتها
” وفي اليومِ الثالث ، كان في قانا الجَليلِ عُرسٌ وكانت فيهِ أُمُّ يسوع . فدُعيَ يسوعُ وتلاميذُهُ إلى العُرس “( يوحنا ٢ : ١ – ١١ ) ، اشتركَ يسوع في العُرس ليقدّس الزواج المسيحي بحضوره ، ويرفعه من درجة عقد طبيعيّ بين الرجل والمرأة إلى مقام سرّ إلهيّ يكون مجلبةً للنعم الكثيرة التي يحتاج إليها المتزوّجون طوال أيام حياتهم ، فيستطيعون بفضلها أن يعيشوا عيشةً مقدّسة ، ويتحمّلوا بصبر ومودّة متبادلة أعباء الحياة المشتركة ، ويربّوا أولادهم تربية صالحة .
وكان هدفه الثاني من اشتراكه في العرس أن يؤكّد لأهل العرس – ولجميع المسيحيّين من بعدهم – أن الفرح محبّب إليه ، ولكن يجب عليهم أن يتقيّدوا بقواعد الأخلاق الصالحة والآداب السليمة في ملابسهم وتصرّفاتهم ومظاهر أفراحهم ، وأن يمارسوا فضيلة الاعتدال في المآكل والمشرب ، ويتمتّعوا بأفراح العرس في جوّ بريء ، فينبذون عنهم الاستسلام إلى الرقص المعيب والأغاني القبيحة والسُكْر والفحشاء الأثيمة .
أمّا الهدف الثالث الذي توخّى يسوع إصابته فهو حٓمْل المسيحيّين على الثقة بمريم أُمّه العذراء وطلب شفاعتها …
إن هذه المعجزة حملت أبناء الكنيسة منذ القرون الأُولى في الشرق والغرب ، على أن يتضرّعوا إلى مريم العذراء ويسألوا شفاعتها التي لا تُخزى وخاصةً في أوقات الصعوبات .
لقد فهموا أن شفاعتها لا تتعارض مع شفاعة يسوع ابنها ولا تنوب منابها. فإنه يتبنّى شفاعة أُمّه العذراء ويحملها إلى الله الآب، ويجعلها في شفاعتهِ شفاعة ً واحدة ووساطة واحدة ، فيبقى هو الشفيع الأصيل والوسيط الأوحد بين الله والناس . كما ذكر القديس بولس الرسول ذلك في رسالته الأُولى إلى طيموتاوس : ” إن الله واحد ، والوسيط بين الله والناس واحد ، ألا وهو المسيح يسوع الإنسان ” ( طيموتاوس الأُولى ٢ : ٥ ) .
والهدف الرابع هو تقوية إيمان تلاميذه الجدد برسالته السماويّة . لقد تبع يسوع خمسة رجال وأرادوا أن يكونوا له تلاميذ .
وكان يسوع يعرف أنهم كانوا بحاجة إلى برهان يبيّن لهم أنهم لم يُخطئوا في اتباعه والبقاء معه . فاغتنم هذه الفرصة المؤاتية وقدّم لهم البرهان الذي يزيل عنهم كل تردّد وشكّ، ويؤكد لهم أنهم كانوا على صواب عندما لبّوا دعوته وانضمّوا إليه . وكان البرهان الذي قدّمه لهم أنّه صنع معجزة لا يصنعها إلاّ الله وحده . وأطلع الرجال الخمسة مع أهل العرس على هذه المعجزة فمجّدوا قدرته الفائقة وآمنوا به وتبعوه نهائياً .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الإسكندرية واورشليم والاردن
للأرمن الكاثوليك