سر الأسرار / رضا نادى شمعون
الأسرار
عندما يخرج الإنسان من دائرة ذاته الضيقة ..ليلتقي بالآخر في الحب .. يعيش ملء حياته .. كيانه .. أنه يرفض أن يعيش أنانيا متقوقعا علي ذاته الخانقة القاتلة للحب .. والحب هو الذي يوجه حياته ، يجدد ذهنه يقوده نحو آفاق واسعة غنية .. يجعله يعزف لحن حبه وخلوده وسلامه الداخلي .. يتخطي دائرة حروبه المدمرة .. يرتفع في سماء الله الفسيحة ..
لا يخشي سهام العدو التي تحاول أن تثنية عن عيش الحب وتجسيده .. ينطلق كالصاروخ نحو الهدف المراد .. لا يقف أمام معوقات تافهة لا تجدي بشيء إن طاقة الحب الكامنة في أعماقه تحركه .. تدفعه دائما نحو الأفضل .. فيدرك قيمة الحب ويعي أنه سر الأسرار .. سر قدسي أي قدس اقداسه فيشع خيرا وجمالا ودفئا علي كل من يصادفه .. فإن كيانه يحمل قيمة شامخة وعمق ابدي .. حقيقة شاملة .. ومن هنا يعزم عزما صادقا أن يخوض تجربته بنفسه .. لأنها تجربة ذاتية فريدة ملئها السمو والنقاء والطهر والخير والجمال .. خبرة إنسانية لا يدركها إلا بالخوض في أعماقها متأملا صادقا مع مشاعره واعيا لليله ونهاره وشمسه وقمره .. فلا يقف أمام الظواهر بل ينفذ إلي ما هو أعمق .. إلي كيان صادق قوي أصيل في عطائه وامتداده .. وتلك التجربة الفريدة ربما تبدو صعبة إلا أن الغوص فيها مفيد وناجح ويعيد السرور والفرح .. فيدرك الإنسان أنه خلق للحب .. وأن مشاعره وأحاسيسه لابد أن يعبر عنها لإنسان أخر .. يجد فيه ميلاده الجديد .. عمره اللامتناهي .. ابداعه غير الموصوف .. وعندما أقابل الآخر لابد أن أعي أنه ذات مستقلة حره .. وأنه جمال في ذاته وله ما يميزه ويجعله فريدا ومن الأفضل ألا أقف أمام عيوبه .. فمن منا بغير عيوب ؟ ..
فالعيوب تشوه الجمال الخارجي أما الجوهر .. الجمال الحقيقي لا يدركه ألا من ينظر لما هو فائق سامي .. ينظر بعين محبه .. فيحب الآخر لذاته .. يقول له أحبك أنت وليس لشيء أخر .. أنت وحدك لأنني أدرك جمالك بكياني .. بذاتي .. بوعي .. وهنا يتم التواصل .. فيجعل الله إلهامه الإلهي في أعماقنا ليدرك كل منا قيمة الآخر .. فأنجذب نحوك وأندهش للكنوز الكامنة فيك وأنبهر لطاقة الحب التي تحملها لي وأنت بالمثل تنبهر بما حباني الله من نعم ومواهب ونقاء في السريرة وفى الحب الموجه نحوك .. فلا نري الظلام أمام أعيننا .. بل نري النور المشع من قلوبنا ووجداننا .. فنصير اثنان لكننا بالحب واحدا .. فلا تخشى الحياة ولا الموت ولا القلق ولا الفناء ولا الحسد .. ولا الشر .. ولا الحقد ولا مؤامرات عزول .. لان الحب وحده يكفي .. فتترسخ بيننا علاقة أبدية .. كلها صيرورة وديمومية وحركة .. روح بروح .. قلب بقلب .. أري فيك الله وأنت تراه في .. أقرأ رسالة السماء في عينيك .. وأنت ترى الفداء في حبي .. ُنؤّلف جماعة متحابة متحدة لها هدف واحد تسعي نحو الإبداع والخلق . جماعة لها طابع الخلود ، الأبدية والسرمدية .. فيها الحضرة الالهية .. حضرة النور السماوى .. حياتها كلها سعادة مطلقة .. لا نجنح بعيدا عن الواقع .. فنشعر بالسعادة في كل شئ .. في سماعنا الموسيقي .. في رؤيتنا شجرة يانعة .. عصفور مغرد .. في رؤية أمواج البحار .. في كل شيء كالقديس فرنسيس الاسيزي .. فالحب يحرك السعادة في داخلنا .. لتخرج وتعطي نشوتها.. لان صميم السعادة في الحب .. فندرك أننا نفحات إلهية .. ونعي الثراء الذي في الحب .. فنحس ونشعر بكل شيء ونرضي بأبسط الأشياء .. ونفهم سر وجودنا وعمل الخالق في أروحنا فنسرع لأحضان يسوع ولقلبه عند المحنه .. فنجد الحب يتحرك في داخلنا وندرك قيمة أنفسنا وحب الله لنا .