أبيجايل ومريم العذراء-إكليريكي/جوزيف منير
أبيجايل ومريم العذراء-إكليريكي/جوزيف منير
القصة كما وردت في ك.م (1صم25: 2-42):
– أبيجايل كانت متزوجة من رجل اسمه (نابال)، وكان غنيًا جدًا حيث كان يملك 3000 من الغنم، 1000 من الماعز.
– جاء وقت جز الغنم وكان هذا وقت فرح وتوزيع للذبائح، وكان داود هاربًا من شاول في البرّية فلما سمع أن (نابال) يجز غنمه، أرسل 10 من غلمانه إليه وكانت رسالتهم: (تحية وسلام – لما كان رعاتك يرعوا الغنم معنا لم نؤذهم ولم يُفقد منهم شيئًا
– أعطِ ما وجدته يدك لعبيدك ولابنك داود) – كان (نابال) قاسٍ ورديء الأعمال، معنى اسمه (نابال = حماقة)، رد عليهم قائلاً: (من داود هذا؟ – مجرد عبد هارب من سيده
– آخذ خبزي ومائي وأعطيه لعبدٍ ؟!!!) – رجع غلمان داود وأخبروه بالأمر كلّه، فاغتاظ داود وقرر أن ينتقم لنفسه “لا ُيبقي له شيئًا حتى ضوء الصباح”. –
– واحدٌ من غلمان (نابال) ذهب لأبيجايل وقال لها (جاء رجال داود لسيدي فثار عليهم وطردهم – برغم أنّهم كانوا سورًا لنا ليل نهار ونحن نرعى الغنم معهم – الآن تصرفي بسرعة لأنَّ الشّر أُعد على سيدي وداود سوف ينتقم لنفسه)
– قامت أبيجايل بسرعةٍ وأعدت وأرسلت هديةً لداود هي: (200 رغيف خبز – زقي خمر – 5 خرفان مهيأة – 5 كيلات فريك – 200 عنقود زبيب – 200 قرص تين) وأرسلتهم مع غلمانها وقالت لهم ” اذهبوا وأنا أسير وراءكم “. – رافق داود 600 رجل، بقى منهم 200 مع الأمتعة، وقام 400 رجل متقلدين سيوفهم ومستعدين للحرب والانتقام من (نابال) سائرين تجاه أملاكه. – وبينما أبيجايل راكبةً على حمارها ونازلةً في سترة الجبل، رأت داود ورجاله، فنزلت عن الحمار وسجدت على الأرض وسقطت عند قدمي داود وقالت: “عليّ أنا يا سيدي هذا الذّنب… أنا لم أرِ غلمانك الّذين أرسلتهم… إنَّ الرّبَّ قد منعك عن انتقام يدك لنفسك… هذه بركة من جاريتك فلتعط للغلمان السّائرين وراء سيدي… أصفح عن أمتك لأنَّ سيدي يحارب حروب الرّبِّ… وعندما يقيمك رئيسًا على إسرائيل لا تكون هذه معثرة قلب لأنَّك انتقمت لنفسك… وأذكر أمتك…” – فرد عليها داود قائلاً: “مبارك الرّبّ الّذي أرسلك… مبارك عقلك ومباركةً أنت… لأنَّكِ منعتني عن أنتقم لنفسي… اصعدي بسلامٍ إلى بيتكِ”.
هنا تنطبق على أبيجايل الآيات الآتية:
” الجواب اللّين يصرف الغضب، والكلام المُوجع يهيج السّخط ” (أم15: 1) ” الهدية حجر كريم في عيني قابلها. حيثما تتوجه تفلح ” (أم17: 8) – عندما عادت أبيجايل وجدت (نابال) صانع وليمةً، كما وجدته قد طاب قلبه من الخمر فلم تخبره شيئًا، وفي الصباح عندما أخبرته مات قلب (نابال) بداخله وصار كحجرٍ، وبعد 10 أيامٍ مات (نابال). – ولمّا علم داود بذلك أرسل غلمانه ليتخذوا (أبيجايل) زوجةً له، فردت عليهم قائلةً: ” هوذا أمتك جاريةً لغسل أرجل عبيد سيدي” ثم قامت وذهبت وراءهم… وصارت زوجةً لداود. أبيجايل كلمة عبريّة مشتقة من ( أب + جايل ) (أب = مصدر)، (جايل = فرحة) لذلك (أبيجايل = مصدر الفرح الحقيقي) في بعض التفسيرات (أبيجايل = بهجة أبيها)
• صفات نتعلمها من أبيجايل:
1- ” جيدة الفهم، وجميلة الصورة ” (1صم25: 3) – يذكر ك.م أنَّها جيدة الفهم قبل جميلة الصورة، – (جيدة الفهم = مملوءة حكمة = جمال النّفس الدّاخليّة) – (جميلة الصورة = منظرها جميلٌ = جمال النّفس الخارجيّة) – لذلك كانت أبيجايل تتمتع بجمالٍ وقدسيّة الدّاخل والخارج.
2- كانت أبيجايل حكيمةً في التصرف والكلام: – التصرف ” أسرعت وأرسلت هديةً لداود، عندما رأته أسرعت وسجدت على الأرض عند قدميه). – الكلام “عليّ أنا يا سيدي هذا الذّنب، أنا لم أرِ غلمانك الذّين أرسلتهم، إنَّ الرّبَّ قد منعك عن انتقام يدك لنفسك، اصفح عن أمتك لأنَّ سيدي يحارب حروب الرّبِّ). – كانت نتيجة حكمتها (منعت هلاك زوجها وبيتها، أنقذت داود من الانتقام لنفسه) بعض آيات عن الحكمة: “… لأنَّ الله لا يحب أحدًا الإّ من يساكن الحكمة ” (حك7: 27-28) ” الحكمة خيرٌ من القوة، والحكيم أفضل من الجبار ” (حك6: 1) ” الحكمة بنت بيتها، نحتت أعمدتها السّبعة، ذبحت ذبحها، مزجت خمرها… قالت له: هلموا كلوا من طعامي، واشربوا من الخمر الّتي مزجتها ” (أم9: 1-5) ” لقد أحببتها والتمستها منذ صباي وابتغيت أن أتخذها لي عروسًا، وصرتُ لجمالها عاشقًا…” (حك8: 2، 9)
3- التواضع: – ظهرت علامات التواضع على أبيجايل في المواقف الآتية: عندما رأت داود نزلت عن الحمار وسجدت وسقطت عند قدميه. قالت له (يا سيدي). أطلقت علة نفسها (جارية). – تواضعت أبيجايل لتنقذ (نابال = هلاك بيتها = الهلاك المادي). – تواضعت أبيجايل لتنقذ (داود = انتقامه لنفسه = الهلاك الرّوحي).
4- اعترفت بذنبٍ لم ترتكبه: – عندما قالت لداود ” عليّ أنا يا سيدي هذا الذّنب…”. – هذا الموقف يذكرنا باعتذارات قدمها البابا يوحنا بولس الثّاني لكلِّ العالم عن أخطاءٍ قامت بها الكنيسة والباباوات في عصور مظلمة عندما قال: ” أنا مستعد للاعتراف بأنّنا نحن الكاثوليك لم نكن دائمًا دعاة سلام… ولهذا صلاتي هي عمل تكفيري أيضًا”.
5- الحبّ: – كلُّ ما فعلته أبيجايل يرجع إلى فضيلةٍ تمتلكها الإّ وهي فضيلة الحب. – كانت أبيجايل تحب الحكمة، فعندما قابلت موقفًا صعبًا، نجحت في التعامل معه بحكمةٍ. – كانت أبيجايل تحب السّلام، فأسرعت بإرسال هديةً لتمتص غضب داود. – كانت أبيجايل تحب نابال زوجها، فتواضعت لتحفظ حياته وحياة بيته. – كانت أبيجايل تحب الله، فردت داود عن أن ينتقم لنفسه. – كانت أبيجايل تحب مسيح الرّبِّ، فآمنت بداود ملكًا على إسرائيل بعد شاول. “لا أعرف هل أمتدح أبيجايل الّتي ردت رجلاً عظيمًا كداود عن ارتكاب جريمة أم أمدح داود الّذي قبل المشورة وطبقها ؟!” (قول لأحد القديسين) اقتران داود بأبيجايل بعد موت صموئيل النّبي يمثل اقتران يسوع المسيح بالكنيسة اتمامًا لنبوءات ع.ق
. • أبيجايل وأمّنا مريم العذراء: – تعتبر أبيجايل رمز لسيدتنا مريم العذراء: أبيجايل = مصدر الفرح الحقيقي، مريم العذراء = سبب سرورنا في الطلبة. أبيجايل جيدة الفهم (ممتلئة حكمة)، مريم العذراء قال لها الملاك (يا ممتلئة نعمة). أبيجايل حسنة التدبير، مريم العذراء ذهبت لتخدم اليصابات دون أن يطلب منها أحدٌ هذا كانت تتأمل بكلِّ الأمور في قلبها. أبيجايل جميلة الصورة، مريم العذراء قُيل أنَّا أجمل من وجدت من النّساء في تلك النّواحي. أبيجايل تميزت بالتواضع، مريم العذراء ذهبت لتخدم برغم كونها أم الله ” من أين لي أن تأتي أمّ ربي لي”. أبيجايل كانت سببًا في خلاص نابال زوجها وبيتها من الهلاك، ومريم العذراء كانت سببًا في خلاصنا من الموت (الخطيئة). أبيجايل قدمت هديةً لداود، مريم العذراء قدمت أعظم هدية (يسوع) للعالم