الموانع المبطلة للزواج بوجه خاص للأب: هاني باخوم
القانون الكنسي والحياة الراعوية
4
الموانع المبطلة للزواج بوجه خاص
للأب: هاني باخوم
سنستعرض من خلال هذه المقالة، والمقالة اللاحقة، الموانع المبطلة للزواج بوجه خاص، حسب القانون الشرقي (ق 800 – 812): اي ما هي الموانع المبطلة للزواج على وجه التحديد وهل يمكن التفسيح منها ام لا.
القانون الشرقي يحدد ثلاثة عشر مانعاً مبطلاً للزواج ، في حين ان القانون الغربي يحدد فقط اثنتي عشر مانعاً. القانون الغربي لا يعتبر القرابة الروحية مانعاً مبطلاً للزواج، على عكس القانون الغربي السابق لعام 1917 الذي كان يعتبره مانعاً.
سنذكر الآن كل مانع على حدة ومن له حق التفسيح منه اذا امكن ذلك:
- مانع العمر
لا يستطيع الرجل، قبل اتمام السادسة عشر من عمره، والمراة قبل اتمامها الرابعة عشر من عمرها، عقد زواج صحيح (ق 800).
حساب العمر يتم حسب القانون 1546، والذي ينص على ان اليوم الذي ينتهي به حساب العمر يُعد في الحساب الاجمالي؛ فمثلاً الرجل المولود في 1/2/1980 يتم السادسة عشر من عمره يوم 2/2/ 1996 وليس يوم 1/2/1996.
مانع العمر هو مانع كنسي موضوع لضمان النضوج لدى الفريقين سواء النضوج الجسدي او النفسي والفكري، كي يتمكن كلا الفريقين من اعطاء الرضى الزوجي، والذي هو اساسيّ لصحة الزواج، بصورة واعية وصحيحة. يحق للمطران الابرشي التفسيح من مانع العمر لخير الفريقين بعد ان يتأكد من ذلك النضوج المذكور سابقاً.
الشرع الخاص للكنيسة ذات الحق الخاص، قد يفرض سناً اكبر من السن المذكور في القانون 800 ليجوز الاحتفال بالزواج؛ اي اذا تم عقد الزواج، وكان احد او كلا الفريقين اصغر من السن الذي حدده هذا الشرع الخاص للكنيسة ذات الحق الخاص، يعتبر الزواج صحيحاً ولكنه غير جائز.
- مانع العجز الجنسي
العجز الجنسي السابق للزواج والمؤبد، عند الرجل او المراة، يبطل الزواج من طبيعته (ق 801 بند 1).
المقصود بالعجز الجنسي هو عدم المقدرة على القيام بالمجامعة الجنسية من الاساس، من جانب المراة او الرجل. قد يكون العجز نسبياً؛ اي العجز عن المجامعة مع الفريق الاخر فقط، وقد يكون مطلقاً اي عجز عن المجامعة مع اي شخص من الجنس الاخر. وكلا الحالتين تبطلان الزواج من طبيعته.
في الحالة التي يكون فيها العجزعن المجامعة مشكوك به اوبصحته، ولا يمكن اثباته بطريقة رسمية، لا يعتبر مانعاً. اي يجب ان يكون العجز عن المجامعة سابق للزواج ومؤبد وقد تم التأكد منه كي يبطل الزواج.
العجز الجنسي لا يعني العقم. فالعقم هو عدم القدرة على الانجاب، بالرغم من حدوث المجامعة الجنسية، ولا يعتبر العقم مانعاً مبطلاً للزواج الا في حالة واحدة: ان كان الشخص على علم به واخفاه عن قصد عن قرينه. هنا يبطَل الزواج لكن ليس بسبب العقم، لكن بسبب التدليس والخدعة (ق 801 بند 3، 821).
- مانع الوثاق الزوجي
من كان مقيدا بزواج سابق، يعقد زواجاً غير صحيح (ق 802 بند 1). هذا ما يسمى بمانع الوثاق الزوجي، اي عدم اهلية من هو بالفعل مرتبط بوثاق زوجي مستمر وصحيح، حسب شرعه، او وثاق زوجي سابق لكن لم ينحل شرعياً، ليتمكن من عقد زواج جديد.
هذا المانع هو مانع طبيعي من الشرع الالهي الناتج من وحدة وديمومة الزواج واللتان هما الخاصتان الاساسيتان للزواج[1]. لذا لا يفسح من هذا المانع لكنه ينتهي عندما ينحل الوثاق السابق باحد الطرق الاتية:
– موت احد الزوجين وبهذا ينحل العقد الزوجي ويصبح الطرف الاخر اهلاً لعقد زواج جديد؛
– تصريح بافتراض الوفاة التي يدلي بها الاسقف الابرشي بعد القيام بدعوى افتراض وفاة الزوج المقررة. وهذا في حالة استحالة إثبات الوفاة بوثيقة كنسية أو مدنية أصلية (ق 1383)؛
– اعلان بطلان الزواج من الجهة المختصة؛
– اذا تم فسخ الزواج السابق لمصلحة الايمان او التفسيح من الزواج المقرر والغير مكتمل (ق 1384).
مانع الوثاق الزوجي يسري على كل انواع الزيجات وليس فقط على المسيحية منها او الكاثوليكية.
- مانع اختلاف الدين
ينص القانون 803 على انه لا يمكن عقد زواج صحيح مع شخص غير معمد. هذا ما يسمى بمانع اختلاف الدين. وسببه ان الواجب الاساسي للمؤمن هو ان يحافظ على ايمانه ويمارسه ويضمن ايضاً ان يربي اولاده حسب الايمان الكاثوليكي، والزواج مع غير المعمد قد يعيقه عن اتمام ذلك.
يمكن للمطران الابرشي التفسيح من هذا المانع لخير الشخص المؤمن وبعد التأكد من الشروط التالية حسب القانون 814:
– ان يعلن الشخص الكاثوليكي، انه مستعد لابعاد اي خطر لمروق ايمانه بسسب هذا الزواج. اي ان هذا الزواج، لن يمنعه من ممارسة ايمانه والالتزام به، وان يعد وعداً صادقاً بانه سيبذل قصارى جهده لتعميد ابنائه وتنشأتهم حسب الايمان الكاثوليكي؛
– ان يُعلم الشخص الكاثوليكي رفيقه الاخر بتلك الوعود؛
– ان يطّلع الفريقين على غايات الزواج وخصائصه الجوهرية والتي يجب ان لا يستبعدها اي من الفريقين.
- مانع الدرجة المقدسة
من حصل على احدى الدرجات المقدسة وهي الشماسية الانجيلية اوالكهنوتية اوالاسقفية وحاول عقد زواج يكون هذا الزواج غير صحيح. وهذا ما يسمى بمانع الدرجة المقدسة اي من حصل على احدى تلك الدرجات يكون غير اهل لاتمام زواج صحيح (ق 804).
هذا المانع يشمل ايضاً، من كان متزوجاً وبعد الزواج حصل على الدرجة الشماسية الدائمة او الكهنوتية، وماتت زوجته. ولا يحق له الزواج مرة اخرى الا بعد التفسيح.
يحق فقط للحبر الروماني التفسيح من هذا المانع. لكن من يحاول الزواج بدون هذا التفسيح يعاقب بعقاب كنسي وهو الحط من الدرجة المقدسة التي نالها (ق 1453 بند 2).
- مانع النذر الرهباني العلني المؤبد
لا يحق لمن نذر نذور العفة الرهبانية العلنية المؤبدة، ان يعقد زواجاً صحيحاً (ق 805). علماً بان النذر العلني المؤبد، هو النذر الذي استقبله الرئيس الكنسي، من الراهب او الراهبة بإسم الكنيسة وحسب قواعد الشرع، ويكون هذا النذر للعفة مدى الحياة. والا يكون النذر خصوصياً (ق 889 بند 4). يشترط ان يكون هذا النذر ايضاً رهبانياً اي لمن ينتمي الى دير نسكي او مؤسسة رهبانية. لذا فالوعود باعتناق المشورات الانجيلية، والتي يقطعها اعضاء الجمعيات الشبيهة بالحالة الرهبانية او المؤسسات الرهبانية العلمانية، الارامل، المكرسات والعذارى في العالم لا تدخل في اطار هذا المانع.
مانع النذر الرهباني العلني المؤبد هو مانع كنسي ويحق فقط للحبر الروماني والبطريرك التفسيح منه (ق 795 بند 2).
بالنسبة لاعضاء المؤسسات الرهبانية ذات الحق الابرشي والتي تخضع مباشرة لسلطة مطران الابرشية (ق 413) يفسح لهم المطران الابرشي نفسه. كما يحق له التفسيح لاي من المؤسسات الاخرى في حالة خطر الموت[2].
من نذر النذر الرهباني العلني المؤبد للعفة، وحاول الزواج بدون ان يحصل على التفسيح من السلطة المختصة، يعرض نفسه للعقاب الكنسي حسب القانون 1453 بند 3، ويعتبر مطروداً من المؤسسة الرهبانية التي ينتمي اليها (ق 497 بند 2).
في المقالة الاتية سنستعرض ما تبقى من الموانع المبطلة للزواج بوجه خاص.
[1] راجع المقالة الاولي
[2] راجع المقالة رقم 3