يظل المؤمن متشبثاً بوعود الله له خاصة أمام المحبة ، لقد كان تلميذا عمواس يعتقدون مثل بقية التلاميذ أن يسوع هو المسيح المنتظر. تركوا كل شئ و تبعوه. أكلوا معه و شربوا، تعبوا و فرحواصارت حياتهم مرتبطة بمعلمهم لدرجة جعلتهم يتعلقون به تعلُق الفرع بالشجرة.
لقد رأوا شفاءاته و عاصروا معجزاته، وشاهدوا صراعاته مع رجل الدين من كتبة وفريسين و أصبحوا متيقنين أن مملكة المسيح اقتربت، ولكن خاب ظن التلاميذ عندما ألقى القبض على معلمهم لقد اكتشفوا أن تصوراتهم عن المسيح مرتبطة بجلوسه على عرش فلسطين مثل جده داود و سليمان و غيرهم.
و هالهم أن يروا معلمهم يستسلم لأيدى مجلس السنهدرين و يمثل أمام أغسطس قيصر، و يتم حجزه في السجن، ثم يُصلب و يموت.
لقد إنهارت تماماً الصورة التى تخيلوها عن المناصب التى سيحتلوها فى مملكة معلمهم، لم يصدقوا قيامته، و ظلوا فى حيرة كادت أن تعصف بحياتهم و مستقبلهم، إلا أن طيفه لم يفارقهم بعد موته و قيامته، و ظل المسيح القائم من الأموات أربعين يوماً يظهر لهم بطرق مختلفة فى هذه الفترة بدأو يتحولون من الايمان الساذج المبنى على صور ذهنية نمطية »يَا رَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟« (أع 1 : 6)، وهذا ما حكوه ليسوع القائم شخصياً “كنا نظن أنه سيقيم الملك لاسرائيل.
و لكن يسوع الذى “حُجب” عن أعينهم ظل يُصغى إليهم بإهتمام و هم يعبرون عن إحساسهم بالفشل و لكن يسوع الذى يُصغى إلى توسلاتنا و قصص فشلنا و ألمنا الذى نعانيه كل يوم لنكون جديرين بهذه الحياة، يفسر لهم الكتب المقدسة و يشرح لهم ما جاء فى سفر اشعياء النبى حول العبد المتألم و حول الظروف الصعبة التى لابد أن يمر بها كل من يتعلق بالله و يرفض الأصنام بمختلف مسماياتها، و يعاتبهم على قراءاتهم السطحية للكتب المقدسة “يا قليلي الايمان ” أما كان ينبغى أن يتألم ابن الانسان لكى يدخل في مجده؟. هكذا نحن ، يظل إيماننا على المحك مع ظروفنا الحياتية يتعرض للضغط العصبى، و الشك، و القهر و تارة أخرى إلى الرفض القاطع، و لكن قوتنا تزداد و تتوطد بقدر إتحادنا و إصغائنا لصوت الروح القدس فى قلبنا و عقلنا. فنتجاوز كل العقبات و نواصل رسالتنا فى الحياة متحررين بشكل مستمر عن الإصنام التى يضعها العالم ليغرينا و يصرفنا عن حب الله و حب إخوتنا و أخواتنا فى البشرية ” أمكث معنا فقد مال النهار” نقول لربنا بعد أن استمتعنا بالحوار معه و بعد أن وجدنا صدراً يتسع إحتواء خوفنا و شكنا و يرد على تساؤلاتنا الجوهرية.
نحن نريد مجداً و كرامةً و اعترافاً بشخصيتنا و لن نحصل على هذا المجد الحقيقى إلا مع الله الذى يصحح لنا خطواتنا ويؤهلنا إلى هذا المجد “فانفتحت اعينهما و عرفوه عندما كسر الخبز و اعطاه لهم فَقَالَ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ: «أَلَمْ يَكُنْ قَلْبُنَا مُلْتَهِبًا فِينَا إِذْ كَانَ يُكَلِّمُنَا فِي الطَّرِيقِ وَيُوضِحُ لَنَا الْكُتُبَ؟«.