stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

أخبار الكنيسةروحية ورعويةكتابات القراء

تأمل الاب وليم سيدهم 14-8-2018

1.4kviews

تأمل الاب وليم سيدهم

“إن لم تمت حبة الحنطة لا تأتى بثمر”

إن حبة الحنطة إذا دُفنت في الأرض أصبحت بذرة تحمل فى كيانها كل مقومات الحياة التى وضعها فيها الخالق و إذا طُحنت حبات الحنطة انتجت لنا الدقيق الذى نصنع به الخبز لمعيشتنا اليومية. و نستطيع أن نقارن “حبة الحنطة” بحالتنا نحن كبشر فإذا افترضنا أن كل إنسان فرد يشبه كل حبة حنطة مفردة فإننا نصبح كياناً حياً يشتبك بالواقع اليومى فى كل تفاصيله أن نُدفن في شبكات الواقع الذى نعيشه مثل علاقاتنا مع أسرتنا التى ولدنا فيها و مدرستنا و جامعتنا و شارعنا و حينا و مدينتنا أو قريتنا و بلدنا أو بلاد أخرى لها علاقات بنا. هذه الشرايين التى نضخ فيها قراراتنا اليومية و نعيش فيها اخفاقاتنا و نجاحاتنا فإذا أردنا أن نلوِّن كل هذه العلاقات المتعددة و المختلفة و الكثيفة بقدرتنا على التوارى و التفانى و إنكار الذات .. الخ . فإننا نكون مثل حبة الحنطة التى تختفى من وجه الأرض و تتعفن و تتحول بفعل حصولها على المياه و الغذاء من المعادن الموجودة في باطن الأرض إلى جذور و ساق وورق و ثمر.

إن جدلية الموت و الحياة كائنة في كل تفاصيل حياتنا. فمنذ مولدنا على هذه الأرض يبدأ فى الوقت نفسه العد التنازلى لمدة وجودنا على هذه البسيطة و العد التصاعدى فحين نزداد يوماً ننمو فيه و نكبر يخصم من حياتنا يوم من عمرنا الافتراضى على هذه الأرض أو بعبارة أخرى نحيا يوماً جديد و نقترب من الموت في الوقت نفسه.

يقول يسوع المسيح “إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ” و نحن نشاهد و نتحقق من هذا القول فحبة الحنطة بعد دفنها و بلوغها لكمال نموها تصبح سنبلة فيها مئات من حبات الحنطة و نحن أيضاً إلى حينما نولد من بطون أمهاتنا لن نعطى ثمراً كثيراً إلا إذا أفسحنا المجال لحيوات كثيرة حولنا تنتظر منا أن نفسح لها المجال لتنمو و تكبر فى تربة شخصيتنا و علاقاتنا المتعددة ، و كلما كان الإنسان أنانياً و نرجسياً متمحوراً حول ذاته كلما أصبح أداءه عقيماً مهما كبر. لإن هذا الثمر ييبس و يموت إن لم يجد من يقطفه و يتغذى به مهما كان نوع الثمر مادياً أو روحياً.

يقول القديس بولس في أحد رسائله “إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ” نعم إن أخطار السفر و تهديد اليهود المستمر للقديس بولس جعلته يعبر عن كل ذلك بتلك الكلمات التى تبين أن الموت حاضر في حياتنا بشكل يومى. و أننا كحبة الحنطة تنمو جذورنا في تربة العلاقات المتوترة أحياناً و المهددة أحياناً أخرى لحياتنا و خطر انتشار الزؤان و الحشائش الطفيلية، و كانت حياة المسيح على الأرض مداً و جذراً مع أعداء الحياة الذين و إن نجحوا في صلبه و موته إلا إنهم فشلوا في السيطرة على قوة قيامته و هو البار الذى حمل عاهاتنا و سيق كحمل للذبح و قصبة مرضوضة لم يكسر و فتيلاً مدخناً لم يطفئ ومثل حبة الحنطة أثمر موته و قيامته ملايين المريدين و الأتباع حتى يومنا هذا.

لقد جعل المسيح من نفسه خبزاً من حبة الحنطة حتى ندرك أن أعظم هدية لإيماننا هو العطاء بلا حدود الذى يقدمه المسيح لنا كل مرة نقترب من جسده و دمه “أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ” ، “”انا المن الحقيقي الذى نزل من السماء”

ويذكرنا بولس الرسول بأن قيامة أجسادنا تشبه قيامة و حياة حبة الحنطة التى ما ان تموت فى الأرض حتى تنمو وتكبر مثل حبة الخردل.