stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

كتابات القراء

جزء مِن الـ”رسالة إلى ديوغنيتوس”-ترجمة/ أشرف ناجح إبراهيم

941views

28_02جزء مِن الـ”رسالة إلى ديوغنيتوس”-ترجمة/ أشرف ناجح إبراهيم

    ترجمة/ أشرف ناجح إبراهيم

مقدِّمة المترجم

في هذا المقال نُقدِّم ترجمةً لجزء مِن الـ”رسالة إلى ديوغنيتوس”[1]، وبالتحديد الجزء الذي يتحدَّث فيه كاتبُ الرسالة المجهول عن المسيحيين ودورهم في هذا العالم[2]. إنَّ الـ”رسالة إلى ديوغنيتوس” هي مكتوب مسيحيّ قديم يعود إلى القرن الثاني الميلاديّ؛ وقد تمَّ كتابته في أسيا الصغرى. ولقد تمَّ العثور علي هذا المكتوب وإكتشافه بطريقة طريفة للغاية. ففي القرن الخامس عشر، في عام 1436 تقريباً، كان الكاهن اللاتيني الشاب “توماس دااريتسو” في مدينة القسطنطنيّة لدراسة اللغة اليونانيّة؛ وفي أحد الأيام ذهب إلى محل الأسماك ليبتاع بعضاً مِن السمك؛ وبينما هو هناك لاحظ وجود مخطوط قديم مكتوب باللغة اليونانيّة بين الأوراق التي يستعملها البائع ليلفّ بها الأسماك، فقام بشراءه. ومِن هنا بدأت رحلة الدراسات حول هذا المخطوط الثمين. أمّا عن كاتب هذه الرسالة فهو شخص مسيحيّ مجهول تماماً؛ وكذلك الشخص الذي كُتبت له الرسالة، فلا نكاد أنْ نعرف عنه شيئاً غير أنه وثني ويُدعي ” ديوغنيتوس”[3].

رسالة إلى ديوغنيتوس

مقدِّمة

«أرى، أيّها الرفيع المقام ديوغنيتوس، أنك تجتهد في أنْ تفهم ديانة المسيحين وتحاول بكل حكمة وعناية أنْ تعرف أموراً عنهم. بأيّ إله يؤمنون وكيف يكرِّمونه، لماذا لا يكرِّمون العالم ويحتقرون الموت، ولا يعيرون إهتماماً لمن يدعوهم اليونانيون ألهة، ولا يحفظون تزمت اليهود، أي نوع مِن الحب الذي يحملونه بينهم، لماذا هذه السلالة وطريقة الحياة هذه ظهرا في العالم الآن وليس قبل ذلك[؟] أدرك رغبتك هذه وأتضرع إلى الله، الذي يعيننا في الكلام والاستماع، أنْ ينعم عليَّ بالكلام حتي تصبح أفضل بواسطة استماعك لي، وأنْ ينعم عليك بالاستماع حتى لا يجد مَن يتحدَّث إليك ما يندم عليه […].

السرُّ المسيحيّ

لا يمكن تمييز المسيحين عن باقي البشر لا بواسطة فكر ولا بواسطة صوت ولا بواسطة عادات. فهم، في الوقع، لا يسكنون في مدن خاصة بهم، ولا يتبعون طريقة عيش خاصة. وتعليمهم لا يكمن في إكتشاف فكر رجال ذوي ثقافة واسعة ومتعددة الجوانب؛ ولا حتى هم ينتمون إلى تيار فلسفي بشري، كما يفعلون باقي البشر. من خلال معيشتهم بمدن يونانية أو بربرية _ بحسب نصيب كل واحد_ ومن خلال تكيفهم على عادات المكان في الملبس والمأكل والأمور الأخرى، يشهدون عن منهج حياة إجتماعية عجيب وبلا شك مفارقة. يحيون في وطنهم، ولكن كغرباء؛ يشاركون في كل شيء كمواطنين ولكنهم متجردين عن كل شيء كغرباء. كل موطن غريب هو وطنهم، وكل وطن هو غربة. يتزوجون كالجميع وينجبون أبناء، ولكنهم لا يتخلّصون من حديثي الولادة. يتقاسمون المائدة، وليس المضجع. موجودون في الجسد، ولكن لا يعيشون حسب الجسد. يسكنون على الأرض، ولكنهم يملكون وطنهم في السماء. يطيعون الشرائع المحددة، وبواسطة حياتهم يتجاوزن الشرائع. يحبون الجميع، ومن الجميع يضطهدون. هم غير معرفون، ويتم إدانتهم. يقتلون، ويعاودن الحياة. هم فقراء، ولكنهم يجعلون كثيرين أغنياء؛ ينقصهم كل شيء، ولكنهم ممتلؤن من كل شيء. هم مزدرى بهم، ولكن في الإزدرات يحصلون على المجد. يشتمون ولكن ينادي بهم كأبرار. يهانون فيباركون؛ يساء معاملتهم ولكنهم يكرِّمون. من خلال قيامهم بعمل الخير يتم معقابتهم كفاعلي السؤ؛ مُدانون يفرحون وكأنهم يقبلون الحياة. يحاربون من قبل اليهود كغرباء، ومضطهدون من قبل اليونانيين، والذين يكرهونهم لا يعرفون قول سبب الكره.                

نفس العالم

ولنقولها بإختصارٍ، كالنفس بالنسبة للجسد، هكذا المسيحيون في العالم. فالنفس منتشرة في كل أجزاء الجسد والمسيحيون في كل مدن الأرض. النفس تسكن في الجسد، ولكنها ليست مِن الجسد؛ والمسيحيون يسكنون في العالم، ولكنهم ليسوا مِن العالم. النفس غير المرئية محبوسة بداخل جسد مرئيّ؛ والمسيحيون يُرون في العالم، ولكن ديانتهم غير مرئية. الجسد يكره النفس ويحاربها، بالرغم من أنها لا تضره بشيء، ولكن لأنها تعارضه في الانغماس في الملذات؛ وهكذا العالم، بالرغم من أنه لم يقاسي ظلم من قبل المسيحيين، يكرهم لأنهم يتصدون للملذات. النفس تحب الجسد الذي بدوره يكرها، والمسيحيون أيضاً يحبون من يكرهونهم. النفس محبوسة بداخل الجسد، ولكنها تعضد الجسد؛ والمسيحيون أيضاً في العالم وكأنهم في سجن، ولكنهم يعضدون العالم. النفس الخالدة تسكن في مسكن فانٍ؛ والمسيحيون أيضاً يعيشون كغرباء بين الأشياء التي تفنى، منتظرين عدم الفساد في السموات. بواسطة سؤء المعاملة في المأكل والمشرب، النفس تتنقى؛ والمسيحيون أيضاً الذين تساء معاملتهم كل يوم تتضاعف أعدادهم. لقد وضعهم الله في موقع مثل هذا وليس مسموحاً لهم بالتخلي عنه».  

 

[1]  إنَّ النصّ الأصلي لـلـ”رسالة إلى ديوغنيتوس” مكتوب باللغة اليونانيّة، ولكننا أخذنا نص هذه الرسالة عن ترجمة إيطاليّة للنص الأصلي.

[2]  سنحاول _ إنْ شاء الربّ وعشنا_ أنْ نقوم بعمل ترجمة لـلـ”رسالة إلى ديوغنيتوس” بأكملها؛ وذالك لأننا نعتقد أنّ قراءة هذه الرسالة ودراستها والتأمل فيها سيعود بالفائدة الروحيّة على المسيحيين المعاصرين.

[3]  لقد استعنّا في كتابة هذه المقدِّمة ببعض الدراسات والمراجع الأجنبيّة حول هذا المخطوط؛ ولكن لكي لا نثقل على القارىء العزيز إمتنعنا عن ذكر المراجع وتفاصيلها.