stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

‏”اليوم تم الخلاص في هذا البيت”‏ – الاب وليم سيدهم

1kviews

‏”اليوم تم الخلاص في هذا البيت”‏

بين الخطيئة والتوبة هناك مسافات تقاس بالأيام و الشهور و السنين، أن يشعر الإنسان أنه ‏وحيد منبوذ محتقر يعنى أن حياته ربما يكون غير مرغوب فيها من الآخرين و ربما أيضاً ‏من الله نفسه.‏
هكذا كان حال زكا العشار، إحساس قاتل بالوحدة و شعور بالاحتقار من عامة الناس مضافاً ‏عليها انقطاع الصلة بالله. فقد كان العشارون و معنى كلمة عشار هو من يحصل عشور ‏مداخيل الناس لكى يعطيها للمسئول المختص فى الدولة أو لمجلس اليهود.‏
لنقل أن زكا كان موظف ضرائب مثله مثل موظفى الضرائب اليوم ، ضميرهم مطاط ‏يسمحوا لأنفسهم بأن يبتزوا العامة من الشعب و يتقاضون أموالاً بغير وجه حق و بالتالى ‏كانوا كما نقول الآن “يأكلون مال النبى” و يجورون على الأرملة لذا كانت نظرة الناس إليهم ‏مريبة فيها قدر كبير من الاتهام الضمنى بالسرقة لذا نجدهم في مقارنة مستمرة مع الفريسيين ‏الذين نجحوا في تشويه صورتهم قدام العامة و قاموا بشبه عزلهم عن الحياة الإجتماعية في ‏أثناء ظهور يسوع يبشر بقرب ملكوت الله.‏
و حين نرى أن زكا تأثر كثيراً بشخصية يسوع بصفته مدافعاً عن الفقراء و المظلومين ‏يصعد إلى شجرة الجميز ليرى يسوع “لأنه كان قصير القامة” فإننا نتسائل عن الروح التى ‏دفعت زكا لتقليد الأطفال فى تسلق الأشجار و لم يعتد بسمعته و مقامه و ماله إنه عزم بكل ‏قوة أن يرى يسوع مهما كلفه ذلك من أمر. فمنذ صعد إلى الشجرة قرر أن يغير حياته كيف؟ ‏هذا ما سينتج عن لقاءه الشخصى بيسوع.‏
و إذا كان نيقوديموس الفريسى ذهب إلى يسوع فى جنح الظلام ليقابل يسوع و يعرب له عن ‏إعجابه به فإن زكا ذهب ليرى يسوع فى وضح النهار و بينما لم يتغير نيقوديموس عن عقيدة ‏الفريسية تغير زكا العشار ، وعلى عكس نيقوديموس الفريسى الذى قرر أن يلتقيه وجهاً ‏لوجه فإن زكا أراد فقط أن يلقى نظرة على يسوع و غالب الأمر لم يكن مستعداً أن يواجهه ‏وجهاً لوجه .‏
لكن يسوع صاحب النظرة الثاقبة للإنسان الذى أمامه شعر بخطورة الخطوة التى قام بها زكا ‏ألا و هى صعوده إلى شجرة الجميز ليشفى فضوله برؤية يسوع فبادره يسوع بقوله : “يَا ‏زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ” ، نزلت هذه الدعوة على زكا ‏كالصاعقة، و كالطفل الذى قرر أبوه أن يحتضنه بعد أن أنبه على سلوكه الخاطئ، نزل زكا ‏و ارتمى في حضن يسوع.‏
هاجت الدنيا و ماجت لأن يسوع كسر قيد العزلة التى أقامها الفريسيون على العشارين الذين ‏منهم زكا . “لماذا يحادث العشار زكا؟”‏
و بينما صدح النقد من قبل الفريسيين كان زكا يعلن توبته بأعلى صوت ليسوع عن كل جنيه ‏أخذه بالحرام من الناس، لا بل يعلن أنه مستعد لدفع أربعة أضعاف لمن ظلمه ، أربعة ‏أضعاف مما يملك و ليس عُشر ما يملك . ما هذا الجمال و هذا الارتداد الروحى العميق؟ إنه ‏حضور يسوع الوديع و المتواضع، يسوع الذى كسر قيود العزل الإجتماعى الذى فرض على ‏زكا و امثاله الذى صحح صورة الآب التى شوهها رجال الكتبة و الفريسيين عند العامة. ‏يسوع الذى رفض كل القوالب الدينية و الطقسية التى جعلت من شعب الله فريسة سهلة فى ‏قبضة رجال الدين .‏
ها هو يعلن لزكا “الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ” ها هى الأرض التى خنقها الشوك و هموم ‏العالم تعود لتصبح أرضاً طيبة.‏