stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

ايليا النبي‎ ‎‏ 7‏

902views

ايليا والالهة

للأب هاني باخوم

كيف سيُقنع ايليا أحآب ونحن معه ان بعل ليس بإله؟ وان الضيق الذي يشعر به ونشعر به في ‏اوقات كثيرة ما هو الا بسبب خطايانا؛ ان الجفاف الذي نعاني منه خارجياً ما هو الا صورة ‏لجفافنا الداخلي. لكن لماذا يجف الإنسان؟ ما هي في العمق خطيئة الشعب؟ ‏
يأمر ايليا ان يجتمع كل انبياء بعل وعشتاروت والآلهة الأخرى على جبل الكرمل ويقول لكل ‏اسرائيل: “الى متى انتم تعرجون بين الجانبين؟ ان كان الرب هو الإله فأتبعوه وان كان البعل ‏اياه فأتبعوه” (امل 18: 21). هكذا يقول ايليا؛ يقول ما هي خطيئة الشعب؛ ليس انهم تركوا ‏الرب، لا. خطيئة الشعب انه متأرجح، يقفز من طريق الى آخر: يعرج، اي يميل حيناً لهذه ‏الناحية واحياناً الى الناحية الأخرى. بعض الوقت يسير مع الرب وفي وقت آخر يتبع بعل. ما ‏معنى هذا؟ ان الشعب لا يبحث في العمق عن اله يعبده، بل يبحث عن اله يكون في خدمته. ‏فهو يعبد الله لأنه يحتاج اليه ولخدماته. فمن يلبي طلباته واحتياجاته يميل اليه. اذا طلب من ‏الرب شيئاً ولم يستجب له يبحث عن بعل كي يحققه. الشعب ليس ببعيد عنا؛ فالإنسان يحتاج ‏لإله، ولا يستطيع ان ينكر ذلك. يحتاج لقوى اكبر منه تُساعده وقت الضيق وتُخرجه من حالته ‏عندما لا يستطيع ان يخلص ذاته. وعندما لا يلبي الله هذه الاحتياجات يبدأ باتباع بعل: السحر؛ ‏المال؛ الإحساس بانه محبوب او مقبول؛ ضمان المستقبل؛ العواطف؛ الراحة؛ انسان آخر؛…. ‏ويطلب من هذا البعل ما يحتاجه ولا يدرك انه لا يقدم له شيئا لأنه فارغ، بل بالأحرى يأخذ منه ‏كل شيء.‏
يقول ايليا للشعب: كفى! ان كان بعل هو الرب فاتبعوه. والشعب صامت محتار لا يعرف ما ‏يرد. وهنا تظهر عمق رحمة الرب ونعمته التي تأتي لمساعدة الإنسان كي يعرف الحقيقة. ‏الرب لا يحكم على الشعب، بل يصنع من خلال ايليا عملاً يثبت فيه للشعب انه هو الله، هو ‏الرب. فالرب يساعد الشعب كي يرجع ويؤمن به، انه يساعده في عدم ايمانه، لكي يمنحه ‏الإيمان بعد ذلك. فالإيمان عطية اي هبة مجانية تُمنح من الرب. ‏
اذاً، يطلب ايليا من انبياء بعل ان يقدموا ثوراً على الحطب بدون ان يشعلوا النار، ويسألهم ان ‏يصرخوا كي يُنزل بعل من السماء ناراً تلتهمه. وان فعل ذلك يكون هو الرب. فيصرخ ‏الأنبياء. يصرخون ويعودون فيصرخوا، ولا من مجيب. ويقول ايليا اصرخوا اكثر، لعله نائم ‏او في خلوة، او في سفر، اصرخوا اكثر وبصوت اعلى كي يجيب. ايليا لا يستهزىء بهم بل ‏يجسد لهم ما كانوا يعملونه من قبل، فقد كانوا يصرخون لوثن لم يستجب لهم ابداً. كانوا ‏يصرخون ويعطون صوتهم ووقتهم واموالهم لكائن غير موجود. وبعد ذلك يجرون وراءه اكثر ‏فأكثر. لم يفهموا. لذلك يوضح لهم ما كانوا يفعلون. وفي النهاية بعل لا يُجيب.‏
وهنا ينظر ايليا الى الشعب ويقول: اقتربوا مني. صورة للمسيح الذي سيقول “تعالوا الي ايها ‏المتعبين والثقيلي الأحمال وانا اريحكم”. اقتربوا مني. لماذا انتم في هذه الحالة، لماذا انتم ‏متعبين، لماذا انتم مثقلين بالآلام والجفاف يهلككم. اقتربوا مني. الشعب مُهلك، متعب، لأن ‏حمل الخطيئة وعبادة البعل شيء ثقيل لا يستطيع احد ان يفهمه. عدم معرفة الرب هو عبء ‏وحمل وموت يحطم الإنسان من داخله. معرفة الرب والإيمان به، ليست خاصية اضافية ‏‏”‏option‏” بل ضرورة من دونها يحيا الإنسان في موت عميق. لذا يقول بولس الرسول الويل ‏لي ان لم ابشر بالإنجيل. ان لم احمل الخلاص لمن يحتاجه. التبشير برحمة الرب ليست موهبة ‏للبعض، هي فرض لمن تَلقى وعرف الرب. الشعب متعب، وايليا يقول له: اقتربوا مني. ‏
يبني مذبحاً، ويصلي، وفي نهاية صلاته يقول: استجب لي يا رب كي يعرف هذا الشعب انك ‏انت الإله، وانك انت رددت قلوبهم الى الوراء. اي انت الذي توَّبْت قلوبهم، وارجعتها اليك. ‏لأن التوبة هي نعمة. فلكي يرجع الإنسان بقلبه الى الرب، يحتاج لنعمة. والرب يستجيب، ‏وتنزل من السماء شعلة تلتهم الثور. فيعرف الشعب ان اله ايليا هو الرب، ان الإله الذي تركوه ‏لم يتركهم. ان الرب قادر ان يحرك قلوبهم. الجفاف مستمر، ولا شيء تغير، لا مطر ولا ندى، ‏الا ان الشعب يصرخ ويقول الرب هو الإله، نعم الرب هو الإله. ‏
وهنا نستطيع ان نختم قصة ايليا؛ تاب الشعب ورجع الى الرب، والآن النبي يستطيع ان يرتاح ‏اذ ان رسالته قد انتهت! لكن لا، هناك من لم ير رحمة الرب بعد، هناك من يسعى كي يُعيد ‏الشعب الى بعل. من؟ ماذا سيحدث؟ ….الى المرة القادمة.‏
ايام مباركة.‏