stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

ذكرى القديس بولس للصليب مؤسس رهبنة الآلام (الپاشنيست)

1.3kviews

القديس بولس للصليب
مؤسس رهبنة الآلام (الپاشنيست)
St. Paolo della Croce
(عيده 20 أكتوبر)

وُلِدَ “پاولو فرنشيسكو داني” بمدينة “أوﭬـادا” الواقعة بين “تورينو” و”ﭼـنوا” بإقليم بيمونتي شمال غرب إيطاليا، في 3 يناير 1694م، هو الإبن الثاني من أصل 16 إبن وإبنة نجا منهم 6 أطفال فقط من الموت في سن الطفولة لأبوين هما “ماركو وماريا ماسّاري داني” كان الأب يملك محلاً صغير لبيع المواد الغذائية الجافة، وكان على الأسرة أن تتنقل من مدينة لمدينة بالقرب ممن ﭼـنوا في محاولة لتغطية نفقاتها. وكانت وفاة عشرة من إخوة پاولو سبباً في تأمله المُبكِّر في سرّ الموت وعدم التعلُّق كثيراً بالحياة الغير دائمة على الأرض والتي تنتهي فجأة.
تلقّى پاولو تعليمه الأولي في مدرسة للبنين في “كريميلينوا – لومبارديا” يُديرها كاهن، وقد أظهر تفوقاً ملحوظاً، لكنه ترك المدرسة بسن الخامسة عشر عائداً إلى بيت أسرته في “كاستلاتسو”، وكان يدرس التكوين الديني في الكنائس القريبة من بيته في تلك الفترة، ويساعد والده في عمله.
بعمر التاسعة عشر شهدت حياة پاولو الروحية تقدماً كبيراً في حياة الصلاة، وكان ذلك نتيجة لتأثره بكتاب يُسمّى “البحث في محبة الله” للقديس فرنسيس دي سالس، إلى جانب المرافقة الروحية من قبل الأباء الكبوشيين، التي أوصلته ليكون موضع تأملاته ومحور حياته هو آلام الرب يسوع على الصليب.
عام 1715م، وبعمر الحادية والعشرين، تطوَّع بالجيش لصدّ هجوم شنّه الأتراك على مدينة البندقية في محاولة للإستيلاء عليها، وبعد إنتهاء الحرب شعر پاولو أن الجندية ليست هي دعوته في الحياة. قرّر بعد ذلك الإستقالة من الجيش والعودة مرّة أخرى لبيت أبيه ولمساعدته في العمل، وفي طريق العودة توقف عند مدينة “نوﭬـيلّو” عندما تعرَّف على زوجين طاعنين في السن لم ينجبا أبناء كانا بحاجةٍ إلى مساعدته فبقيَ معها حتى 1716م، وبعد خدمته وتعامله معهما بإشفاق كإبنٍ لهما، قرّرا أن يجعلاه وريثهما وأعلماه بذلك فرفض بشدّة.
بعد عودته من نوﭬـيلّو، حاول عمّه وهو الكاهن الأب “كريستوفر داني” الترتيب لزواجه، لكن پاولو لم يكن يفكِّر بالزواج، فأُلغيت الفكرة. وعند وفاة الأب كريستوفر، لم يرث منه باولو أي شئ سوى كتاب الصلاة الخاص به!
بعمر السادسة والعشرين وبعد خبرة صلاة وتأمل جادة وناضجة، أدرك پاولو بوضوح أنه مدعو من الله ليس فقط للتكريس، بل لتأسيس رهبنة تحيا بالإنجيل عملياً، وتنشر محبة الرب التي تجلَّت في آلامه على الصليب.
في رؤية روحية، رأى پاولو نفسه وتابعيه يرتدون سترات سوداء طويلة مرسوم عليها صليب أبيض تحت الكتف الأيسر عند القلب، وتحت الصليب الأبيض قلب إطاره أبيض يحيط بكلمة “آلام يسوع المسيح”، وبينما هو يتأمل في هذا الثوب، سمع صوت يقول له: “هذا ليظهر كم يجب أن يكون نقياً القلب الذي يحمل الإسم الأقدس ليسوع المسيح منقوشاً عليه”.
في البداية إختار پاولو إسم لرهبنته هو “الفقراء ليسوع” لكنها عُرِفَت فيما بعد برهبنة “آلام يسوع المسيح Passion of Jesus Christ ومنها إشتُقَّت التسمية الپاشنيست Passionists.
بتشجيع من أسقفه وبعد إرتدائه زي الرهبنة الأسود وشرع في كتابة قانون رهبنته، وقد كان عضو الرهبنة الوحيد وقتها بإسم “الأخ پاولو للصليب”.
وخلال رياضة روحية صامتة مدة 40 يوم في أواخر عام 1720م، من أجل تأسيس الرهبنة الجديدة، بدأ في تعلُّم حياة التوبة، والعُزلة، والفقر، وتدريب ذاته على كيفية التأمل والتعمُّق في آلام الرب يسوع.
كان أول تابع له هو شقيقه “ﭼـوﭬـاني باتيستا داني”. وقد توجها إلى روما للحصول على إجازتها من الكنيسة، وهناك قبلا دعوة الكاردينال “كورّنديني” للمشاركته في تأسيس مستشفى جديدة بروما، فساعداه على تأسيسها، ثم قاما على خدمة كل من فيها من مرضى وعاملين، روحياً وتمريضياً.
بعد إجتياز دورة قصيرة في اللاهوت الرعوي، تمت سيامتهما الكهنوتية عن يد البابا بندكتس الثالث عشر، في7 يونيو 1727م، ببازليك القديس بطرس في روما.
بعد سيامتهما الكهنوتية، كرّس الأخوان نفسيهما لإعادة التبشير في الإيبارشيات، وتحديداً في المناطق النائية التي تفتقر لوجود رعاة دائمي الإقامة، ولا ينالون تكويناً روحياً وعقيدياً كافياً وخدمات أسرارية منتظمة.
أصبح الأب پاولو واعِظ ذو شعبية ومسموعاً بالأكثر لأنه كان يعيش ما يعلِّم به عن المحبة والرحمة والغفران والتجرُّد من رباطات الأرض. وأصبح هو وشقيقه الأب ﭼـوﭬـاني باتيستا مطلوبين للوَعظ في الرياضات الروحية ما قبل الأعياد وفي الخلوات الروحية للرهبانيات، ومن هنا بدأت تنمو رهبنتهما على استحياء. وقد تم إعتماد قانون رهبنة الآلام عن يد البابا بندكتس الرابع عشر عام 1741م.
أو دير لرهبنة الآلام إفتُتِحَ عام 1737م، على مرتفعات “مونتي أرﭼينتاريو” بإقليم توسكانيا غرب إيطاليا، بتسعة أعضاء. وقد أسمى الأب پاولو أديرة رهبنته “خُلوات” للتأكيد على مبدأ حياة العزلة والتأمل كأساس لرهبنته، مما يُعطي عمقاً روحياً للرهبان في خدمة البشرية، وفي حمل رسالة الصليب. وهو ما دعاه لتكريس ثلاث ساعات يومياً قابلة للزيادة من وقت الرهبنة للصلوات التأملية في الآلام، يصحب هذا نظام يومي صوم وإفطار على طعام بسيط وفقير من حيث الكَمّ والكيف.
حياة التقشُّف الشديدة التي رأى الأب پاولو أنها مُكمِّلة وضرورية من اجل حياة تأمل وشفافية روحية عالية تساعد على تجمُّل الرسالة، كانت سبباً في جعل أعداد المُنضمين للرهبنة قليلة نوعاً. كان من الممكن أن يدفعه ذلك لتبسيط قانون رهبنته في محاولة لجذب عدد أكبر من راغبي الرهبنة، لكنه كان يرى أن هذا القانون الرهباني ليس الهدف منه التزمُّت ولكنه ضرورة إكتشفها هو بخبرته الروحية من أجل حمل صليب الرسالة، بالتالي إستمرّ على نفس قانونه الرهباني، مُعتبِراً ان النمو البطئ بقواعد سليمة أفضل من النمو السريع بقواعد مبنية على المُساومة في الحُبّ والتضحية وخلق رهبان محتواهم الروحي – بالتالي الخَدَمي – ضعيف برغم أعدادهم الكبيرة.
محفوظة حتى الآن في مزارت تابعة للرهبنة، أكثر من ألفيّ رسالة في التوجيه الروحي لرهبان الآلام.
بعد ذلك تمكن من بناء مقرّ لرهبنته (خلوة) أكثر إتساعاً في روما أسماها خلوة القديس بولس والقديس يوحنا.
ظل الأب پاولو ومدة خمسين عام متواصل في نظامه الرهباني التأملي العميق بنفس التضحيات والإماتات، فكان مثالاً حيّاً للموت عن العالم، مع التجول في إيطاليا لإعادة التبشير والنهضة الروحية والإيمانية للمسيحيين فيها، وبرغم شهادة كثيرين عن مواهب روحية خارقة للطبيعة تمتع بها القديس منها التواجد بأكثر من مكان في ذات الوقت (فيما يُعرَف بالسياحة الروحية) إلا أنه كان شديد الصرامة مع نفسه في نظامه الرهباني، ولا يرى إلا أنه خادم وضيع عديم الفائدة لإنجيل المسيح. إلى أن توفي بعطر القداسة في 18 أكتوبر 1775م عن عمر ناهز الحادية والثمانين بعد جهاد قلب وتجليات روحية وعطاء خدمي بكل إتضاع وبدون كلل أو ملل، وبعد أن وصل عدد إعضاء رهبانيته حوالي 1080 أخ وأب كاهن، يعيشون في إثنتي عشر خلوة (دير)، كما تم إنشاء دير للأخوات التأمليات في كورنيتو (حالياً تاركينيا) قبل وفاته بسنوات لتعزيز الحياة التأملية في آلام الرب وصليبه.
تم إعلان الأب پاولو للصليب طوباوياً عن يد الطوباوي البابا بيوس التاسع في أكتوبر 1852م، ثم قديساً عن يد الطوباوي البابا بيوس التاسع أيضاً في يونيو 1867م.
تعيِّد له الكنيسة الجامعة في 20 أكتوبر.
شهادة حياته وبركة شفاعته فلتكن معنا. آمين.