نسمات روحية – مونسنيور توماس حليم
كلِمات يَسوع على الصَليب
الكلمة الرابعة
إلهي إلهي لماذا تركتني
١- ظلمة على الأرض
في الحقيقة، كل شيء كان مظلماً!، يسوع يسلّم أمّه للتلميذ الذي يحبّه، فقد أعطي الواحد للأخر، والآب السماوي يتخلّى عنه (إيلي إيلي لما شبقتني) “إلهي إلهي لماذا تركتني؟”. فالابن ينادي أباه، الله. هنا نرى عكس ما علّمنا يسوع في الصلاة الربانية: “أبانا الذي في السموات”! غريب وعجيب كأن طبيعته الإنسانية تنفصل عن الآب السماوي، لكن الحقيقة ليست كذلك: وإلاّ لماذا يناديه على أية حال “إلهي إلهي”؟ تماماً كما النور والحرارة في الشمس فهي تختفي وسط الغيوم أو تنفصل عن بعضهما البعض، ومع ذلك تظلّ الشمس على حالها دون أن تتغيرّ في ظلّ الغيوم. هكذا كان يسوع ربّ المجد: وجه الآب السماوي يبدو كأنّه أختفى في هذا الوقت العصيب الذي فيه يأخذ على عاتقه حمل خطايا العالم. فالسيّد المسيح له المجد يتحمّل هذه الآلالم من أجل كل واحد مناّ، حتى نستطيع أن نفهم إلى أي حد يكون صعباً على الطبيعة الإنسانية أن تبتعد عن الله وعن تعزياته وخلاصه الإلهي.