نسمات روحية – مونسنيور توماس حليم
كلِمات يَسوع على الصَليب
الكلمة الخامسة
أنا عطشان
وإذا أمعنّا النظر في قوله له المجد: “أنا عطشان” تتجلّى لنا شخصيته المباركة في أربعة أمور: طبيعته، عمله، مثاله، ومطلبه.
٢- عمله
يا للمحبة الفائقة التي يقابلها الإنسان بالعداوة، فما أحطّ طبيعة الإنسان وما أرذلها. فبينما يدّعي أنه مخلوق لطيف يتقدم من حسن إلى أحسن، إذا بقلبه نجاسة وخدّاع.
جاء المسيح يعمل صلاحاً ويخدم الإنسان، فلم يلقَ من الإنسان إلا كل إعراض وجفاء. فمنذ ميلاد المسيح لم يجد مكاناً ينام فيه، وعند موته لم يجد كأس ماءٍ يشربها. وكانت هذه معاملة الإنسان لفاديه المحسِن. والإنسان في أعلى درجات تديُّنه ممثَّلاً في كهنة بني إسرائيل، وفي أوج نظامه السياسي ممثَّلاً في حكومة الرومان، يرتكب ضد إلهه كل هذا الشر. ولما قدّم أحدهم للسيّد خلاً ومُرّاً برهن على أن “مَرَاحِمُ ٱلأَشْرَارِ فَقَاسِيَةٌ” (أمثال 12: 10) وأنّ أعدلهم مثل العوسج.