كلمة البطريرك ساكو في إفتتاح مؤتمر 26 لبطاركة الشرق الكاثوليك
بغداد، العراق
الأثنين 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2018
أصحاب الغبطة والنيافة والسيادة،
انعقاد هذا المؤتمر لبطاركة الشرق الكاثوليك السادس والعشرين، ولأول مرة في العراق، له مغزى عميق ووقع على وجودنا المسيحي في هذه الظروف الصعبة والتحدّيات غير المسبوقة في نوعها. ان قدومكم الينا كرؤساء وآباء كنائس عريقة لهو حقاً تعبير قوي عن تضامنكم معنا، ووقوفكم الى جانبنا، في كل ما عانيناه ونعانيه من اضطهاد وقتل وتشريد وتهجير وهجرة. مجيئكم يشجـّع النازحين على العودة الى ديارهم ويشحن رجاءنا في البقاء والتواصل، والاحتفاظ بايماننا وهويتنا وأخلاقنا وتقاليدنا ولغتنا.
شدد البابا فرنسيس في كلمة افتتاح سينودس الأساقفة بروما من 3-28 أكتوبر/تشرين الأول 2018 حول الشباب وتمييز الدعوة، على أهمية: أن “يوقظ السينودس قلوبنا!”، ليكون “مثمراً بشكل كبير لإشاعة الرجاء”. وكذا الحال في مؤتمرنا هذا، فدعوني أتمنى ان يكون لقاؤنا هذا منعطف نعمة وبركة غزيرة للمسيحيين ولمواطنينا في هذا الشرق المتألم، ورجاءً بمستقبل أفضل للسلام والاستقرار، وبمجتمع اكثر ازدهاراً.
تدعونا اليوم الضرورة القصوى، إلى بلورة رؤية مسيحية مشرقية موحدة تخطط لاستراتيجية الحفاظ على وجودنا ودورنا. علينا ان نكون اقوى من الانقسام، وان نرفع الحواجز النفسية والتاريخية ونحترم الاختلاف في الرؤى والأفكار، والذي هو أمرٌ طبيعي، فنحقق وحدة كنائسنا الضرورية والمصيرية، والتي فضلاً عن كونها استجابة لأمنية يسوع المسيح (يوحنا 17/27)، فإنها سوف تساعدنا على بلوغ حضور اكثر تاثيراً على المستقبل، خصوصاً في هذه الظروف، حيت نواجه تحديات ضاغطة، منها على سبيل المثال، لا الحصر، الهجرة والاكثر جسامة في هذه التحدّيات هو التطرف الديني.
ثمة خبرة بديعة في العهد القديم عن لاهوت “التهجير – السبي” والعودة والبناء. هذه النصوص تحتوي على تراث غني مفيد لتطوير روحانية موحية وخصبة قادرة على دعم المهجّرين في العراق وسوريا وفلسطين في عملية عودتهم الى ديارهم.
لقاؤنا هذا هو دعوة لكل الكنائس في المنطقة ان تتعاون على بلورة لاهوت المهجرين والمهاجرين، ولاهوت العودة والاحتفال بعملية البناء والتجديد. هذا اللاهوت – الروحانية ينطلق من الرجاء المسيحي، الذي يمثل نقاط الضوء التي ينبغي ان تكبر وتنتشر وان نتمسك بها.
كما ان هذا المؤتمر هو في ذات الوقت، رسالة الى العراقيين وشعوب المنطقة العربية لمناهضة التعصب وتعزيز الحوار، وإشاعة قيم السلام والمواطنة وترسيخ مبادئ العيش المشترك من خلال الاعتراف بالآخر وقبوله واحترام خصوصيته، هذاه الثقافة التي تكاد تخلو منها مجتمعاتنا في المنطقة.
وضمن أجواء التجدد الحقيقي في سبيل غد أفضل، لنا الأمل الوطيد بالحكومة العراقية الجديدة التي تشكلت حديثاً، بأن تضع في أولوياتها خطة عملية جادّة للمصالحة المجتمعية وستراتيجية لبناء دولة المواطنة والقانون والمساواة وتوفير الخدمات فيعيش العراقيون بحرية وكرامة وعدالة اجتماعية.
وأريد أن أختم كلمتي بطلب تلميذي عماؤس من الرب “ليمكث معنا، فقد حان المساء ومال النهار” ( لوقا 24/29). وشكرا.
شكر الاب خليل على 25 سنة وايضا د. ثريا ومرافقي أصحاب الغبطة والنيافة والسيادة.