في السماء لا يُزوجون ولا يتزوجون – الأب وليم سيدهم
كانت كلمة الله في سفر التكوين لآدم وحوا: “انموا واكثروا وأملأوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا على أسماك البحر وطيور السماء وكل حيوان يدب على الأرض” (تك 1 :28)، ففي الأرض يتناسل الرجل والمرأة ليعمروا الكون. كما جاء في سفر التكوين أيضًا أنه بعد أن سّمى آدم المخلوقات من الحيوانات لم يجد له مثيلًا فقرر الله أن يخلق له “مُعينة” وإستل من ضلعه لحمًا فأصبحت حواء.
إذًا فلسفة التزاوج وإنجاب البنين كانت في الأساس لتعمير الأرض وليس السماء، فبينما كان القدماء المصريون يؤمنون بعقيدة الخلود منذ آلاف السنين لم يعرف اليهود هذه العقيدة، وجدير بالذكر أنَّ السماء بصفتها مكان لتخليد الإنسان لم تكن حاضرة في ذهنية الكتاب المقدس في العهد القديم منذ القرن الثانى قبل الميلاد وخاصًة في سفر دانيال النبي أول من تحدث عن “العظام” التى سينفخ الله فيها روحًا فتحيا.
وبالتالي فإن السؤال عن زواج المرأة من أكثر من رجل كان الهدف منه تخليد اسم الرجل في ذريته وهذا المفهوم موجود حتى الآن في مفهوم المؤمنين يقول المثل الشعبي :”اللى خلف ما ماتش”، في العهد الجديد، حيث حدث قيامة المسيح وإنتصاره على الموت كانت هذه القضية مطروحة على الفكر اليهودى، فالصدوقيون كانوا ينكرون قيامة الأموات تمشيًا مع ما ورثوه منذ القدم من أجدادهم اليهود ولكن القسم الآخر كان يؤمن بقيامة الأموات.
سُئل يسوع عن الموضوع لكي يدلو بدلوه عن قيامة الأموات كان رده قاطعًا في السماء لايزوجون ولا يتزوجون بل يعدوا كالملائكة، يقول القديس بولس على ضوء إيمانه بقيامة يسوع المسيح بكر القائمين من بين الأموات: “فإذا أعلن أن المسيح قام من بين الأموات، فكيف يقول بعضكم إنه لا قيامة للأموات؟” (1كو 15 : 12).
إن كان الأموات لا يقومون فالمسيح ما قام أيضًا، وإن كان المسيح لم يقم فتبشيرنا باطل وإيمانكم باطل، وإذا كان رجاؤنا في المسيح لا يتعدى هذه الحياة، فنحن أشقى الناس أجمعين . فالموت كان على يد إنسان، وعلى يد إنسان تكون قيامة الأموات، وإذا كان الأموات لا يقومون فلماذا نتعرض نحن للخطر كل حين؟ فأنا أذوق الموت كل يوم. صارعت الوحوش في أفسس لغرض بشرى فما الفائدة لي؟ وإذا كان الأموات لا يقومون فلنقل مع القائلين : “تعالوا نأكل و نشرب فغدًا نموت”.
ويفسر القديس بولس مطولًا موضوع القيامة موضحًا أن في القيامة سيتمتع البشر بجسد روحاني. وبالتالي فإن يسوع المسيح يؤكد على حقيقة إيمانية راسخة عند الفريسيين بعكس الصدوقيين ويضيف عليها أن موضوع الزواج والجنس غير وارد في الملكوت حيث “ما لم تره عين ولم تسمع به أذن” إننا ننتظر قيامة الأموات برجاء ثابت أننا سننعم بحضور الله وبصورة تختلف تمامًا عن اللذات الأرضية الحسية لدرجة لا يمكن أن نتخيلها حيث تكون لذاتنا وسعادتنا متعلقة بنوع آخر يمكن أن نتوقعه دون أن نتخيله لأنه مرتبط بكرم وسخاء الله غير المحدود وغير المرصود. “فإن أفكاري ليست أفكاركم ولا طرقكم طرقي، يقول الرب. كما تعلو السموات عن الأرض كذلك طرقي تعلو عن طرقكم وأفكاري عن أفكاركم” (اشعيا 55 : 8-9)