طوبي للذين يشاركون في مائدة ملكوت السموات – الأب وليم سيدهم
لم يتمالك يوم نفسه أمام الصوت الجهورى لإحدى المعجبات بتعاليم يسوع عن ملكوت السموات لكي يعبر عن التناقض الصارخ بين ردود أفعال الباحثين عن الملكوت، قدّم يسوع مثلًا مفاده أن المدعوين إلى الملكوت رفضوا الدعوة و طبعًا المقصود هم اليهود معاصري يسوع وتفاوتت الأسباب وإنحصرت في ثلاثة: الأول لأنه مشغول بالأرض التي اشتراها والثاني بالبقر والثالث بالنساء.
ولأن المدعوين ولَّو وجوههم عن العاطي الأول وإحتكروا عطاياه لذواتهم واستقلوا بها عكس إرادة الخالق فإنهم رفضوا الدعوة وفاتهم أن الأرض والبقر والنساء هم خليقة الله وليسوا خليقتهم هم. لذلك جاء قرار الداعي للوليمة تتويجًا لرفضهم وتعزيزًا لمحبة الله المتناهية للفقراء من الكسحان والعرجان والعميان المنفتحين على دعوة الله.
إن الأغنياء والمستغنين عن الله في أنفسهم لم يرفضهم الله فهذا إعلان واضح أن أحدًا لا يخرج من دائرة حنان ورحمة الله حتى الأغنياء. ولكن حينما يرفضون بذواتهم هذه الدعوة فقد جنوا على أنفسهم ولا يمكن الحديث عن عقاب الله لهم على رفضهم بل هم الذين يعاقبون أنفسهم بأنفسهم وحينما نتكلم عن عقاب الله فنحن نستخدم لغة غير دقيقة لوصف الله بقساوة القلب. فمن يرفض ضوء الشمس في النهار ويغلق غرفته يمنع الضوء مهما كانت دوافعه فلا يلومنّ إلا نفسه.
إن مثل الوليمة قصد به يسوع الله الذي خلق الكون والنبات والحيوان والبشر والحجر لراحة الإنسان ولا سعادة فمن يرفض المشاركة في هذه الوليمة العامرة السعيدة، ويقتطع لنفسه جزءًا منها غير آبه بصاحب الوليمة فإنه سرعان ما يجد نفسه فيما بعد خارجًا عن منطق الله المبني على المشاركة والمصارحة والمصافحة والانفتاح فيصبح كمن استقل ببعض المستنقعات المنفصلة عن مصدر الماء الحي الجاري الصحي وبالتالي التي فقدت قدرتها على التجدد فساءت وانتهت وماتت.
نعم، طوبى لمن يشارك في المائدة السماوية مائدة الآب الحنون الذي لا يريد موت الخاطئ بل أن يرجع ويعيش ملء الحياة.